خاص- الاعلامية ريميال نعمة تستقيل من إذاعة “الشرق” مباشرة على الهواء ، فهل نكّم أفواه اعلاميينا كرمى لعيون النظام المصري؟
لطالما كنّا، مؤسّسات وأفراد، نطالب بتأمين أبسط حقوقنا الفكريّة و المعنويّة، وأهمّها في آن، وهي احترام آراءنا و توجّهاتنا و عقائدنا وأفكارنا. ولطالما آمن أسلافنا بالاختلاف، وعمل مؤسّسو الصحافة والاعلام، على تحييد المؤسّسات الاعلاميّة عن سطوة “المال”، و “السلطة” و عن “زواريب” المحسوبيّات الضيّقة، ليبقى اعلامنا حرّا مستقلا.
كثيرون ماتوا لأجل الكلمة الحرّة، وكثيرون ايضاً حملوا أرواحهم على أكفّهم، فداء لقول الحقّ، او لابداء الرأي. ولكنّنا وحتى أيامنا هذه، نعاني من تدخّل السلطات، وأصحاب المال في عملنا الصحافيّ ان كان مرئيّا، أو مسموعا أو مكتوبا، ونعاني من فرض الأجندات الخاصّة على حواراتنا وبرامجنا، و يتم دفعنا الى الاستزلام لهذا، والانحناء لذاك…بينما قلائل هم، من تجرأوا بالفعل لا بالقول وتركوا مقعدهم الاعلاميّ، او أطفأوا “المايكروفون” الخاص بهم، او سحبوا أقلامهم، أو قدّموا استقالاتهم على الهواء، انتصارا لحقّ التعبير، ودفاعا ضدّ كفّ الأفواه…
وهؤلاء كانوا دائما ينتصرون لكراماتهم وكرامة من يتوجّهون اليه، ويفضّلون أن يجلسوا في منازلهم على أن يتصدّروا الهواء تاركين كلمتهم تختنق في حلقهم!!
هكذا حصل مع الزميلة ريميال نعمة يوم السبت الماضي خلال تواجدها على هواء اذاعة “الشرق” بحيث وقبل اكثر من عشر دقائق من انتهاء برنامجها وقبل ان تستضيف بقية ضيوفها وبسحر ساحر اوقفت البرنامج واعتذرت من المستمعين وقدّمت استقالتها مباشرة على الهواء.
وفي التفاصيل انه وخلال متابعتنا لبرنامج الزميلة ريميال نعمة عبر اثير اذاعة الشرق الذي عالج يوم السبت الماضي موضوع الثورة : دورها ومفهومها ودور الشعوب المعنية بها ودور الاعلام في توجيه واحتضان او دعم هذه الثورة، تتالى على الحديث خلال الحلقة كل من الممثل خالد يوسف (من مصر) ، زكي شهاب (من لندن) ، جود ابو صوان (أستاذ علم إجتماع) ، غسّان حجار، االناقد الكبير طارق الشناوي (من مصر) ، خالد العبدالله (موسيقي ) ، خالد زيادة وغيرهم وقد اعلنت ريميال عن استضافة كل من لوركا سبيتي و ديانا مقلّد وعلي مطر مباشرة بعد الاعلان حينها أعلنت ان الفترة المتبقية من البرنامج هي اكثر من عشر دقائق بعد ان تمّ تمديد الحلقة بسبب كثرة المداخلات والاتصالات ونذكر هنا ان الثورة المصرية أخذت الحيّز الاكبر من الحلقة حيث ناقشت ريميال مع ضيوفها ما يحصل في مصر وما يتعرض له المتظاهرون وكل ما قام به النظام لإعادة الثقة بحكمه ، ولا شك ان من تابع الحلقة أدرك كم كانت ريميال عميقة وحقيقية في طرحها للأمور التي يشاهدها الناس على كل الشاشات العربية وحتى على شاشة المستقبل وكانت تنقل ريميال بموضوعية وبأمانة كل ما يحدث في مصر لمناقشته مع ضيوفها ان في الاستوديو او عبر الهاتف .
ومباشرة بعد الاعلان ، وقبل انهاء البرنامج ، وقبل استضافة الضيوف التي اعلنت ريميال عن اسمائهم، اعتذرت ريميال عن اكمال الحلقة وقدّمت استقالتها مباشرة على الهواء مؤكّدة على ان هامش الحرية في الاعلام اصبح ضيقاً جداً مما شكّل صدمة كبيرة ودهشة عارمة للمستمعين ، وريميال نعمة ابنة اذاعة “الشرق” اضطرت الى الاختيار بين مركزها ووظيفتها في الاذاعة وبين كرامتها وحريتها فاختارت ما كان سيختاره كل صحافي واعلامي شريف في الوطن العربي ، الحريّة ثم الحرّية ثم الحريّة ….
لا داعي لأن نسأل ما حصل في دقائق الاعلان القليلة مع ريميال نعمة قبل استكمال برنامجها واستضافة ضيوفها ، “فالمكتوب بينقرا من عنوانو” وعلاقة اصحاب تلفزيون “المستقبل” الجيدة جداً مع النظام المصري تجيب عن كل اسئلتنا ولا داعي للتذاكي كثيراً في بلد اصبحت فيه كل وسيلة اعلامية حكراً على نظام ام حزب ام طائفة او مذهب معين فيدفع اعلاميوه ثمن قول الحقيقة والدفاع عنها والاستماتة من اجلها ، والزميلة ريميال نعمة آخر ضحايا هذه الحرية في صرح اعلامي اعتقدنا انه يؤمن بالحرية والسيادة والاستقلال ويطالب بالحقيقة في حين يساند نظام فاسد هنا وآخر مفسد هناك ويمنع اعلامية قديرة من نقل وجع الشارع المصري المناضل والبطل الذي يطالب بابسط حقوقه في الحرية ، فكيف تفسرون اذا مطالبتكم بالحرية في لبنان ودعمكم لسالبيها في مصر؟؟
وتصبحون على وطن….