خاص- جرعة فائضة من المشاعر الوطنية في الحلقة الأخيرة من مسلسل “تاج”
إنتهى مسلسل “تاج ” تاركًا في نفوس المشاهدين فيضًا من المشاعر والأحاسيس الوطنية العميقة، حيث شهدت الحلقة الأخيرة من العمل، نهاية ممتعة ومؤثّرة بعنوان “الجلاء” وهو الحدث الأهم في تاريخ سوريا بعد فترة طويلة من النضال ضد الإستعمار الفرنسي.
النهاية كانت عظيمة تشبه عظمة المسلسل الذي إختتُم بمشهد حفل الجلاء حيث إحتفل الشعب السوري في الساحات بجلاء جميع المحتلين عن أرضهم، إضافة الى استرجاع تاج الحمّال (تيم حسن) لإبنته سلمى بعد إختطافها على يد رياض الجوهر الجاسوس السوري لصالح فرنسا والذي جسّد دوره الممثل القدير بسام كوسا.
وفي تفاصيل الحلقة الأخيرة من المسلسل، قرّر رياض بعد تسليمه الى العدالة ان يبقى في سوريا بعد إجلاء الفرنسيين من سوريا وذلك رغبةً منه بالإنتقام من تاج الذي تعذّب جدًا لاسترجاع ابنته سلمى التي خطفها رياض بهدف انزال اقسى درجات العقاب بوالدتها وهي زوجته نوران (فايا يونان) بعد اكتشافه انها لا زالت تحب زوجها السابق تاج رغم انفصالها عنه.
فيقرّر رياض الجوهر ان يرسل سلمى الى بيروت لتدرس هناك في مدرسة داخلية دون علم والدَيها.
وبعد تسليم رياض الجوهر الى العدالة، يَطلب منه تاج ان يُخبره بمكان إبنته، فيرفض الإفصاح عن مكانها، الا بشرط واحد ان يسلّمها بنفسه له ولنوران. ولكن خلال رحلتهم الى بيروت يتعرضون لكمين مسلح، يتبّين فيما بعد أنه من تخطيط رياض الذي قام بخطف نوران تحت تهديد السلاح ويضعها في سيارة اخرى، لكن نوران تطعنه بسكين في بطنه عدة مرات وهي تصرخ متأثرة “موت”، فيلقى رياض الجوهر حتفه على أثر طعنات نوران في مشهد مؤلم لكنه يستحقه بسبب ما قام به من عمالة وخيانة.
ثم تتوالي الأحداث، ويتمكّن “تاج” من إنقاذ إبنته من أسرها ويتزوج نوران من جديد ويقرّر اعتزال الحياة السياسية والوطنية ويتفرّغ لعائلته ولناديه الرياضي.
كما يظهر الصحافي سليم في أحد مشاهد الحلقة الأخيرة من المسلسل وهو يزور تاج في النادي الرياضي الذي يمتلكه ليخبره بأنه سيكتب كتاباً عن المقاومين السوريين في فترة الإنتداب الفرنسي، ليردّ عليه تاج ان الناس لا يريدون ان يعرفوا المزيد عن تلك الفترة، ليعارضه الصحافي ويؤكد انه على خطأ.
لكن تاج يشير الى صورته كملاكم على الحائط ويقول له أنه يريد ان يعرفه الناس بهذه الصورة لا غير.
ثم يدخل تاج الى الحلبة، وقد بدا عجوزاً متقدماً في السن وإكتسب المزيد من الوزن، ليقف على حلبة المصارعة ويؤدّي حركاتٍ قتالية وكأنه يقول ان هذا هو الشيء الوحيد الذي يريده اي ان يتذّكره الناس كبطل.
نهاية المسلسل كانت رائعة تضمّنت مشاهد وطنية (صور ومقاطع فيديو) حقيقية ونادرة في يوم الجلاء من سوريا الذي تمّ في العام ١٩٤٦، إضافة الى مشاهد حقيقية من مناطق سوريا التي دُمرت بفعل الحرب الأخيرة.
وثّق مسلسل “تاج” العديد من الحقائق التاريخية، حيث جسّد رحلة العذاب الكبيرة للمقاومين في سبيل الحصول على الإستقلال. ووجّه تحية إحترام وتقدير للشهداء الذين سقطوا في تلك المرحلة فداءً للوطن، ضمن مشاهد مؤثّرة ومشاعر وطنية متأجّجة وصلت الى مرحلة الّذروة خاصة في المشهد الذي جمع زوجات الشهداء وأمهاتهن بهدف تكريمهن من قبل رئيس الجمهورية آنذاك شكري قواتلي لأن اولادهن وأزواجهن كانوا ابطالاً حقيقيين.
نجح مسلسل “تاج” في نقل التاريخ بكل أمانة وبفائض من المشاعر الوطنية ولا شك ان المواطنين السوريين تأثروا بالمسلسل أكثر من جميع الجنسيات الأخرى في العالم، لكن المسلسل سيبقى وثيقة تاريخية خالدة للتعريف عن تلك المرحلة المهمّة وأبطالها لكل العالم.
ومما لا شك فيه ان مسلسل “تاج” هو من أهم وأفضل المسلسلات التي عُرضت خلال شهر رمضان المبارك، ان من ناحية انتاجه الضخم الذي يغرّد خارج السرب، حيث تجرأت شركة الصبّاح العظيمة وإمتلكت ما يكفي من الشجاعة للإستثمار في مسلسل تاريخي، يحتوي هذا الكم الضخم من التفاصيل والإنتاج السخي الذي يفوق التصوّر، لدرجة ان جمال الانتاج في المسلسل فاق جمال صورة التاريخ فيه.
مسلسل “تاج” بإختصار تحفة فنية، مختلفة، وهو من المسلسلات التي ورغم انه لم يحتل المراتب الأولى عالميًا من حيث نسب المشاهدة، إلا أنه يستحق الثناء والتقدير وجميع جوائز التكريم التي يجب ان تُمنح للممثلين القديرين الذين شاركوا فيه. وبالتأكيد للمخرج سامر البرقاوي الذي يكاد يكون صانع المعجزات في هذا المسلسل فهو رجلٌ حدوده السماء والاحلام .
مع تشجيعنا بالتأكيد لكل من لم يتمكّن من مشاهدة المسلسل خلال شهر رمضان ان يشاهده بعد الشهر الكريم.
نذكر ان المنتج صادق الصبّاح وتزامناً مع عرض الحلقة الأخيرة من مسلسل “تاج” وجّه عبر صفحته على ” إكس” رسالة شكر ومحبة لكل القائمين على العمل كتب فيها: “تفتخر شركة صّباح إخوان بهذا العمل الملحمي التاريخي الضخم الذي يصنّف من أبرز وأضخم أعمال شركتنا بإدارة فريق إنتاجنا المحترف. وبقيادة المخرج الكبير سامر البرقاوي والكاتب عمر ابو سعدة وكل فريق العمل خلف الكاميرا الذين كانوا على قدر التوقعات وبذلوا كل الجهود بإحترافية لافتة بدءً من التدقيق التاريخي الى الاكسسوارات والملابس ومدراء التصوير والموسيقى التصويرية وصولاً الى بناء الديكورات والحارات الضخمة على مدى شهور وليال طويلة من السهر والتعب بمستوى عالمي”.
وأضاف: “أحيي نجم شركتنا الرائع تيم حسن على قدراته التمثيلية العالية وأدواته في تقمّص ادواره بأدق تفاصيلها، والتحية من القلب للممثل المحترف والقدير بسام كوسا صاحب القدرات الإستثنائية التي يصعب تكرارها، ونجمنا الرائع المحترف جوزيف بو نصار وفايا يونان النجمة الواعدة وكل الممثلين المحترفين الذين ابدعوا بأدوارهم”.
وختم :”كل نجاح وتميز فني عالي المستوى وأنتم بخير ونلتقي في عمل مقبل، معه نرفع أكثر سقف التوقعات”.
من جهته ردّ الممثل تيم حسن عبر “إكس” على رسالة صادق الصبّاح وكتب:” شكرا أخي صادق الغالي إتمام هذا المشروع ما كان ليتم لولا متابعتكم اليومية التفصيلية. إن تنفيذ هذا النوع من المشاريع الكبيرة “الزند” و “تـاج” في سوريا كان إستثنائياً في تخطيطه وظروفه؛ وبدعم من محطة mbc المشكورة ايضآ التي لطالما أولت المحتوى هذا ومنذ زمن إهتماماً معروفاً”.
مضيفاً: “كما كان ذلك هاماً لنا في سوريا تحديداً لإعادة هذا النوع الذي لطالما اعتُبر واجهة درامية سورية في عيون المشاهد العربي؛ آملين أن نكون حققناه وأعددناه كما يشتهي مشاهدنا ويرضى”.
وختم: “شكرًا للشركاء الأحبة سامر البرقاوي عمر أبو سعدة وزياد الخطيب. والشكر موصول لكل الزملاء الأبطال خلف الكاميرا وأمامها فنيين وفنانين”.