أنا لن أعود إليكِ
أحببتها حباً لا مثيل له وتعلقت بها منذ زمن بعيد ، فكان لها مساحة كبيرة في صدري . كنت كلما أحظى بحزن وأسى أتعلق بها أكثر فأكثر ، فهي صديقتي الوحيدة وهي من أشكي إليها همومي ، فتمسكت بها بقوة رغم معارضة أصدقائي ومعارفي ، وبالرغم من معرفتي بأنها مؤذية لي ولكنني كنت بحاجة إليها لتبقى معي .
كنا حبيبين لا نفترق أبداً ، هي معي دائماً أينما كنت وحيثما حللت ، وإذا ابتعدت عني لسبب قاهر فهي مالكة تفكيري . هي هاجس العالم بأسره ، كل من رآها أحبها مع أنها تحذر من كونها ليست بصديقة وتنصح الجميع بالإبتعاد عنها ولكن لا يكترث لندائها أحد وفي طليعتهم أنا المتعلق بها تعلق الطفل بأمه بالرغم من أنها خائنة . نعم هي خائنة لنفسي التي سلمتها إياها ، ولكني أنا المخطئ فقد أعطيتها مفتاح قلبي بإرادتي الكاملة وبذلك أنا أتحمل نتيجة غبائي هذا .
فنظرت إلى حالتي وأشفقت على نفسي ، حقاً أشفقت على نفسي كما أشفق على أي شخص مظلوم ، لكن ماذا بعد ؟؟ هل أنا ضعيف لأدعها تتحكم بي بهذا الشكل المذري ؟؟ هل إرادتي ضعيفة حتى لا أستطيع إتخاد قرار يلزمني أن أردعها عني ؟؟ طبعاً لا… لقد حان وقت الوداع ، فخلعتها عني كشيئٍ قذر ورميتها تحت قدماي ووقفت أدوس عليها بكل ما أوتيت من قوة وأنا أردد أغنية كوكب الشرق ام كلثوم ” أنا لن أعود إليك ” .
هل تعلمون من هي ؟؟ هي السيجارة التي كانت ستودي بحياتي لكنني أفقت بعد سباتٍ عميق وأوقفتها قبل فوات الأوان .
هكذا فجأة وبدون قرار سابق قررت أن أوقف التدخين مع العلم أن محاولات كثيرة سابقة قام بها أهلي وأصدقائي لردعي عنها باءت جميعها بالفشل إلى أن أتى هذا اليوم الذي تخليت فيه بإرادتي عن هذه المجرمة مقسماً أنني لن أعود إليها قائلاً لها “هذا فراقٌ بيني وبينك” وكان الفراق بيننا رغم رهان الجميع أنني لن أحتمل مرارة الفراق وأنني سأعود ذليلاً إلى أحضانها ، ولكني أعلنت الحرب ضدها وسأفوز بإذن الله وحتى الآن ما زلت أناضل وأجاهد في حربي ضدها.
طبعاً لا أخفي شوقي إليهما ، وخصوصاً تلك الفتاة الممشوقة التي تضع يدها على خصرها والتي كانت تسحرني بقدها الميّاس يا عمري . أشتاق إليها وإلى مرجعيتها أصفهان وخصوصاً بعد الطعام كما تعودت ولكن اشتياقي لن يؤثر على قراري بطلاقنا ، وسرعان ما سأنساها كما نسيت غيرها في السابق ، فلقد أصبحت مجرد شيئٍ ليس له أي قيمة عندي .
والآن لا أبالغ إن قلت أنني أنزعج جداً إذا جلس أحدهم بقربي وهو يدخّن فلمست كم كنت أزعج غيري بتدخيني ، فالجالس بقرب المدخن له نصيب الثلث من السيجارة كما قال الأطباء .
أختم كلامي بنصيحة إلى جميع المدخنين والمدخنات، المدمنين والمدمنات، الأحياء منهم والأموات، بأن تصحوا من الإغماء كما أنعمَ علي الله سبحانه وتعالى بهذه النعمة . فهذه القاتلة تأخذكم إلى التهلكة وليس لها دواء سوى قوة إرادة وقرار حاسم والنتيجة مضمونة ، وإن شئتم إسألو مُجرّب وإسألو حكيم !! .