ظاهرة خطيرة على شاشات الفضائيات … شابات يتحولن إلى سلع رخيصة
تنتشر على بعض القنوات العربيّة، الفاضلة، ومنذ فترة ليست بقصيرة، ظاهرة استخدام شابات، باحثات عن أيّة اطلالة تلفزيونيّة، كوسيلة لشحذ أموال النّاس والمشاهدين، من خلال الاتصال والمشاركة في المسابقات التي يتمّ عرضها على الشاشة، واهمين ايّاهم بأنّهم قد يفوزون بمبالغ ماليّة طائلة، ان علّق معهم الخطّ، وأعطوا اجابة صحيحة. هذه البرامج تنتشر على قنوات قمر “نايل سات” وقمر “عرب سات” والتي تخصّص ساعات من أوقات بثّها الثمين، لتعرض لنا شابات في مقتبل العمر، يحاولون شحذ اتصالات المشاهدين، بهدف “شفط” أموالهم، التي تذهب الى جيوب أصحاب هذه المحطات.. والحجة مسابقات فنيّة و ثقافيّة، فارغة من أيّة ثقافة!
والمصيبة الكبرى ليست بالمسابقات المعروضة، أو الأسئلة الباحثة عن اجابات، بل في طريقة وأسلوب تقديم البرنامج، اذ أنّه ومنذ أنطلاق الحلقة وحتى انتهائها، تكون المذيعة في حالة من “الصرع” المرضي، حتى تصيب المشاهد بصداع في الرأس انّها “كالتيربو” لا تهدأ، ولا تستكين قبل أن تحصل على الاتصال الهدف، فتغنّي وترقص وتتمايل على أنغام الأغنيات التي تذاع بين الحين والآخر، وتنشّز وتصرخ ومن ثم تتمايل و “تتمايع” أمام الكاميرا، طالبة من المشاهدين الاتصال وبسرعة، ليتم تسجيل أرقامهم على الكومبيوتر، ليعودوا ويقوموا بالاتصال بهم للمشاركة، طوال الحلقة، تعيد وتعيد المذيعة نفس الجملة، التي حفظتها عن ظهر قلب قبل أن تطلّ على الهواء!
في الأمر أكثر من مصيبة عربيّة، أولا يتم استخدام هذه الشابات، كسلع رخيصة، تحاول المستطاع لجذب المشاهدين، الذين عليهم أن يتأثروا بالمقدّمة وأسلوبها الاقناعيّ الاغرائيّ الفذّ، للاتصال والمشاركة، لسرقة رصيد جهازه الخليويّ، في حين أنّنا نبحث دائما عن منفذ لنصرة المرأة العربيّة وتكريمها، ونعمل جاهدين على مساندتها للتخلّص من العقد العربيّة المحيطة بها، وللرفع من قيمتها الانسانيّة كامرأة فاعلة في المجتمع، لتأتي هذه الشابات وينسفن بحضورهنّ الـ “قيّم” كل الجهود المبذولة!
أمّا المصيبة الثانيّة، فهي اطلالة هذه الشابات، وهنّ من مختلف الجنسيّات، لبنانيّات، مصريّات، أردنيّات وسوريّات، ليستعرضن ثيابهنّ، وأجسادهنّ، وأصواتهنّ، وثقافتهنّ السطحيّة جدا على الهواء مباشرة، مقابل حفنة صغيرة من الدولارات، فتأتي الحلقات دون المستوى لتضر بالمشاهد أكثر مما تفيده.
هل من المسموح أن نقبل بمثل هذه البرامج أن تدخل منازلنا؟ والى متى ستبقى المرأة العربيّة، سلعة، بين يديّ كلّ صاحب رأس مال، يريد فقط أن يضف الى رصيده المزيد من المال، غير آبه بكيفيّة زيادة هذه الأموال؟ وكيف تقبل شابة في مقتبل العمر، بمثل هذه الاطلالات، التي تحطّ من قدرها وقيمتها، و ان دلّت على شيء، فعلى سطحيّة مضمونها، و فراغ من أيّة ثقافة أو وعي انسانيّ؟ وهل المال والشهرة، باتا الهمّ الأكبر لدى الفئة الأكبر في عالمنا العربيّ؟
فالاعلام رسالة، والرسالة قد تكون في بعض جوانبها، ترفيهيّة ممتعة، ولكن للمتعة والترفيه شروط وآداب، لا تلتزم بها محطاتنا العربيّة، الا القليل منها، والقليل جداً، ولكن ما يعزّينا في الأمر كلّه، أنّ هذه البرامج لا تلقى رواجاً كبيراً، اذ أنّه غالبا ما تنتهي الحلقة على لا شيء”، أي أنّه لا يتم الاتصال بأحد، وتؤجّل الجائزة النقديّة الى الحلقة المقبلة وتبقى الفتاة المقدّمة، تتوسّل وتناجي المشاهدين المشاركة قبل فوات الأوان وضياع الجائزة، فعن أي جائزة تتكلمون؟ وهل تدركون مستوى ما تقدّمونه للنّاس في مختلف أرجاء العالم العربيّ؟