رأي خاص- مسلسل”أزمة منتصف العمر”… أزمة من نوع آخر

عرضت منصة “شاهد” الحلقة الاخيرة من مسلسل “ازمة منتصف العمر” تأليف أحمد عادل، معالجة درامية لكريم فهمي وكريم العدل ومن إخراج الأخير، وشبه كثيرون نهاية المسلسل بنهاية فيلم موعد على العشاء الذي انتج عام ١٩٨١ بطولة سعاد حسني، حسين فهمي واحمد زكي حيث تدور أحداث الفيلم حول «نوال» التي تعاني من إهمال زوجها «عزت» رجل الأعمال المعروف، الذي لا يبادلها العواطف والمشاعر، فتضيق بحياتها وتقرر الانفصال، وتقع بعد ذلك في حب «شكري» الذي يغرقها في بحر من العواطف، ولكن عزت يحاول التفريق بينهما، ويقوم بقتل شكري بسيارته حتى لا يتمكن من الزواج من نوال، وتقرر نوال الانتقام من عزت فتدعي له أنها عادت إلى حبه، وتدعوه للعشاء وتضع السم في الطعام الذي يحبه، وعندما يأكل عزت ويطلب من نوال مشاركته الطعام فتأكل نوال مقررة أن تموت بعد أن انتقمت من عزت الذي أكل هو الآخر من الطعام المسموم.

ربما تبدو نهاية فيلم “موعد على العشاء” منطقية كون نوال اي سعاد حسني انتقمت من زوجها عزّت اي حسين فهمي الذي اساء معاملتها وقتل الرجل الذي احبّت فدست له السمّ في الطعام الا ان فيروز أي (الممثلة ريهام عبد الغفور) فقتلت الرجل الذي احبّت أي عمر (الممثل كريم فهمي) الذي خانت زوجها عزت (الممثل رشدي الشامي) معه. عزت الذي اساء معالمتها وحرمها من الامومة وتزوج عليها صديقة ابنته الوحيدة من زواجه الأول في نهاية غير منطقية البتّة، ففيروز التي لم تحرّك ساكناً حين عاشت مع رجل اهملها واساء معاملتها وحقرّها وحرمها من الانجاب وتزوّج عليها استجمعت شجاعتها لقتل الرجل الذي احبّها وحماها والذي طلّق زوجته لأجلها حتى لو كانت ابنة زوجها التي ربّتها على انها ابنتها واحبتها وعطفت عليها، فلِعمر ماضٍ مكتظ بالاحداث الأليمة جعلت منه رجلاً ناقصاً ومعقداً الا انه لم يكن المذنب الوحيد كون فيروز شاركته الفراش بكامل رضاها هذا لأنها صدّقت حبه وشاركته المشاعر في لحظة ضعف بغض النظر عن صوابية قرارها والإثم الذي ارتكباه. فعمر كسر قلب ابنتها مريم (الممثلة رنا الرئيس) ودفعها الى الانتحار بسبب ما اقترفه مع امها التي حملت من زوج ابنتها، الا ان المرأة نفسها التي رفضت الاجهاض بسبب تعلّقها بجنينها بعد عشرين عاماً من رغبتها به لا يمكن ان تقرّر انهاء حياتها وحياة جنينها لأن ابنة زوجها انتحرت مهما شعرت بالذنب وحمّلت نفسها المسؤولية عن ذلك.

فربما كنا سنتفهّم نهاية مختلفة كقرار فيروز بالابتعاد والتخلي عن كل شيء حتى عن عمر بعدما ماتت ابنتها ودخول زوجها السجن من اجل ان ترزق بطفلها وتبدأ حياة جديدة معه فهو نفسه الطفل الذي لم تفرّط به في السابق على الرغم من وجود نفس الاسباب التي دفعتها في نهاية المطاف الى قتل عمر وقتل نفسها وبطبيعة الحال طفلها.

المسلسلات الدرامية بالعادة يجب ان تكون احداثها منطقية، مبرّرة ومتسلسلة الا ان امرأة واحدة في هذا المسلسل لم تكن عاقلة ومتّزنة، فماتت كل بطلات المسلسل اي فيروز ومريم وسلمى بسبب عشق رجل واحد هو عمر وفي ثلاثة ايام متتالية في مشهد لا يستوعبه اي منطق درامي، إلا في المسلسلات والافلام الخيالية. فتصوير النساء بهذا الضعف والعجز والسطحية امر مؤسف ومحزن في زمن تهدف معظم المسلسلات وبرامج التوعية الى دعم النساء وتحفيزهن ومدّهن بالقوة لأجل ان يتحررن من سطو الرجال على حياتهن ومواجهة الحياة بقوة وعزم.

وبالعودة الى المسلسل وبعد الثناء على اداء جميع الممثلين الذين ادّوا ادوارهم بشكل مقنع وجميل والمخرج كريم العدل الذي امتعنا بعمله المتقن والجميل وانتاج شركة الصبّاح الضخم، لا بدّ من التحفّظ على رسالة المسلسل التي وصلتنا ناقصة وباهتة فأزمة منتصف العمر قضيّة شائكة لم تخدمها قصّة الكاتب أحمد عادل، معالجة درامية لكريم فهمي وكريم العدل، بل ساهمت في تشويهها والانتقاص من قيمتها وكنا نتمنى لو ان الرسالة من هذا المسلسل قضت في تخفيز النساء على تغيير حياتهن البائسة حتى لو كنّ في منتصف العمر فلا يفوت الأوان ابداً على البحث عن معنى جديد لحياتهن من ضمنه الحب وتحقيق الاحلام وتحقيق الذات على حدّ سواء والا فإن عنوان المسلسل لم يكن وفياً لقصّة الكاتب أحمد عادل، فكان الأحرى به تبديله ليتناسب مع قصة المسلسل التي تضمّنت معالجة قضايا نفسية وعقد الطفولة ومشاكل اجتماعية من ضمنها فارق العمر بين الازواج والعنف الأسري والخيانات الزوجية.

لم نتفاجأ ابداً من احتلال المسلسل لمراتب متقّدمة ضمن الأكثر مشاهَدة على منصة “شاهد” ليس لأن القصة استثنائية ومعالجتها رائعة بل لأن فضول المشاهدين ونحن من ضمنهم دفعنا الى المتابعة الحثيثة لرغبة منا في فهم ما صبا اليه الكاتب من عنوان المسلسل ولرغبتنا ايضاً بنهاية منطقية نستخرج منها العبر والدروس ولرغبتنا كذلك بفهم مقاربة الكاتب لأزمة منتصف العمر، فوجدنا انفسنا في مسلسل تارة يخون الرجل فيه امرأته مع شابة بعمر ابنته او تموت نساؤه تباعاً انتحاراً لأجل رجل آخر وتارة اخرى يعنّف رجل زوجته ويوسعها ضرباً واخيراً رجل يغتصب ابنة زوجته.يعني بإختصار كل اشكال اهانة المرأة واستضعافها في عصر تطالب المرأة فيه بمقاضاة الرجال الذين تخولّهم انفسهم الاساءة لها او أذيتها جسدياً ونفسياً.

وكان موقع “بصراحة” قد أجرى استفتاءً عبر “ستوري” بصراحة على مدار ٢٤ ساعة لمعرفة رأي جمهور الدراما وتقييمه للعمل

حيث حصدت خانة: مسلسل جريء معالج بشكل سيء نسبة ٦٠%

اما خانة: مسلسل جريء احسن الكاتب معالجته فحصد نسبة ٤٠%”

المسلسل من بطولة كريم فهمي، ريهام عبد الغفور، عمر السعيد، رشدي الشامي، رنا رئيس، بمشاركة هند عبد الحليم وركين سعد وهاجر عفيفي، وضيفة العمل سلوى محمد علي ومن انتاج صبّاح أخوان

أخبار ذات صلة: رأي خاص- “أزمة منتصف العمر” مسلسل اجتماعي جريء بمعالجة محفوفة بالمخاطر

مقالات متعلقة

Back to top button

Adblock Detected

Please disable ads blocker to access bisara7a.com