رأي خاص- من انقذ الرحلة “بيروت ٣٠٣”؟

باتريسيا هاشم: انتهى بالامس مسلسل “بيروت ٣٠٣” كتابة سيف رضا حامد،اخراج ايلي السمعان وانتاج شركة “الصبّاح اخوان” والذي عرض على منصة “شاهد”.

١٥ حلقة دارت احداثها حول تفجير طائرة قادمة من اسطنبول الى بيروت من قبل مجموعة ارهابية والمتّهم الوحيد كان الشاب “نجم” ابن رجل الاعمال “عزيز” اي عابد فهد الذي يتبيّن انه رجل مافيا وتاجر مواد متفجرة ليظهر لاحقاً ان الشاب “زين” اي جيري غزال هو من اقدم على تفجير الطائرة وتوريط عزيز وابنه من اجل تصفية حساب قديم حيث اراد زين الثأر لوالده ضحية عزيز الذي قتله في الماضي، فتُرك زين يتيمًا في طفولته.

وعلى هامش هذه الاحداث، تنشأ علاقة حب بين “تاج” اي سلافة معمار زوجة عزيز و”طيف” اي معتصم النهار احد الناجين من حادثة الطائرة حيث شكّلت هذه العلاقة متنفسًا لآلامها بسبب خيانة زوجها لها مع عشيقته “رزان” أي نادين الراسي لأكثر من ١٥ عامًا، فتتطور الاحداث وتتشعّب لتظهر براءة نجم في الحلقة الاخيرة ويَقتل عزيز الشاب زين الذي اختطف نجم قبل ان يسلّم عزيز نفسه للشرطة، الا ان تاج تقرر ان تسامح عزيز على كل افعاله بعدما ندم وقرر ان يصلح كل ما أفسده.

قد تبدو القصة مشوّقة من الخارج الا ان معالجتها افتقدت للكثير من الاثارة والتشويق وعوامل الجذب الدرامية خاصة لناحية الحوارات التي بدت فارغة ومختصرة احياناَ فقلّ الكلام لدرجة انه بدا هامشيًا، فكان يحتمل مزيدًا من الاثارة والعمق وهذا ما لا يمكن اعتباره إطالة او مطوّلات انما من ضروريات المعالجة الدرامية .فكل المواضيع المثارة والمثيرة للجدل كانت تحتمل احتداماً تصاعدياً في الحوارات، الا ان الكاتب سيف رضا حامد فضّل ان يوجز ويختصر، فأفقد المواقف صخبها والنقاشات عمق معالجتها.

وما عوّض عن ذلك عنصران اساسيّان اولهما واهمّهما اخراج ايلي السمعان الذي انقذ المسلسل في اكثر من محطة وربما لا نبالغ ان قلنا في اغلب المحطّات، فخلق قوة من ضعف الاحداث فعوّض عنها في تفاصيل مشهدية جميلة دغدغت فضول المُشاهد ورغبته بالمزيد من الاثارة وعرف هذا المخرج الفنان كيف يختار لمساته الابداعية والفنية بنضج اخراجي كبير وذوق مرهف واحساس عالٍ فحمل المسلسل الى مستوى مختلف دون المبالغة باستعراض قدراته الاخراجية. فإيلي السمعان من المخرجين الذين يعتمدون كثيراً على الاحاسيس وتفاصيل التعبير عنها واظهارها والتي بتنا نفقدها ونفتقدها في درامانا العربية، فقدّم في هذا العمل جرعة زائدة ولكن ممتعة من المشاعر التي لامست قلوب المشاهدين واخترقتها.

اما عنصر النجاح الثاني فهو دون ادنى شك الممثلين الذين كانوا جميعاً دعامة هذا العمل وركنه الاساس.على رأسهم نجمة المسلسل سلافة معمار التي تدهشنا في كل عمل جديد بسبب تماهيها المدهش مع الدور وتقمّص الشخصية حدّ الابداع وهذا ليس بجديد على نجمة قديرة ومخضرمة تبدع في بث الروح في الورق وخِدمته بهوس المحترفة والمتطرفة ابداعاً.كذلك عابد فهد الذي جيّر كل خبرته ومهنيّته لخدمة “عزيز” فاستدرج بإبداع كراهية المُشاهد وتصفيقه على حدّ سواء.فهو ينجح دائماً في رسم شخصياته وفي تحضير “عِدّة العمل” الخاصة بها وكل ادواتها فيتورط بالشخصية من شعره حتى اخمص قدميه حتى تكاد تسأل نفسك كيف يتلوّن هذا الفنان بهذه البراعة؟ الا اننا نسمح لأنفسنا اليوم برجاء خاص ومحبة كبيرة ان يعيد عابد فهد النظر بطريقته في الكلام والتعبير، فقد عانينا كثيراً في بعض المشاهد لفهم ما تفوّه به عزيز بسبب المبالغة احياناً  بالتحدث همساً فاعتمدنا اسلوب قراءة الشفاه علنا نستوعب ما يقال.

اما معتصم النهار فقد ادّى دوره على اكمل وجه دون زيادة او نقصان واقنعنا بعشقه لتاج وتخبطه من اجلها وهذه نقطة تحسب له ولعل تغيير “اللوك” هذه المرأة ساهم كثيراَ في كسر القالب النمطي الذي يطل فيه معتصم مؤخرا سيما بعد سلسلة المسلسلات المتلاحقة التي عرضت له في الاعوام الاخيرة.
اما نادين الراسي فلم تلِق الحلقات الاولى بعودتها الى الدراما العربية، إلا انها عوّضت عن ذلك بحلقات المسلسل الاخيرة، فأخرجت من صندوق خبرتها السحري اروع ما لديها وامتعتنا بمشاهد كبيرة لفنانة لبنانية كبيرة ونحن ننتظر نادين بمسلسلات قادمة تفيها حق نجوميتها.

اما الشاب الموهوب جيري غزال فلعلّ دور “مطر” او “زين” كان الخطوة الجديدة ولكن الكبيرة في مسيرته الدرامية واثبت انه يستحق كل مَهمة جديدة توكل اليه وهو لا يفوّت اي فرصة ليثبت انه مشروع ممثل يعِد بنجاحات كثيرة مع العلم ان دور “زين” كان يحتمل مزيداً من الشرّ كتابةً واداءاً .

اما باقي الممثلين -وعلى الرغم من ظهورهم في مشاهد قليلة- الا انهم قدّموا اداءاً رائعاً واثبتوا انهم مؤثرين كلّ في دوره وان المسلسل لم يكن لينجح من دونهم، فشكّلوا معاَ رافعة للمسلسل واعمدته الصلبة، نذكر منهم مجدي مشموشي،خالد السيد، رنين مطر، جيانة عيد، أمانة والي، ملهم بشر، زينة بارافي، حسن حمدان، جورج قبيلي، سامي ابو حمدان، كميل متى، كارين سلامة، عصام الأشقر، ريموند عازار، فيصل اسطواني وآخرين.

باختصار ومع انتهاء مسلسل “بيروت ٣٠٣” لا بدّ من الاشادة بجميع المشاركين فيه وبالشركة المنتجة “الصبّاح اخوان” التي تستمر في اذهالنا في كل عمل ومشروع جديد على امل وحيد ان تلتفت الشركة اكثر الى الجمهور الباحث عن الحب والعشق والحياة الاجتماعية في المسلسلات بعيداً عن دوامة الارهاب والعنف والدماء التي تجتاح معظم المنصات والمحطات التلفزيونية.

مقالات متعلقة

Back to top button

Adblock Detected

Please disable ads blocker to access bisara7a.com