خاص- الثلاثي الرحباني طوجي المعلوف يحصدون كل الحواصل ويفوزون بصوت اللبنانيين التفضيلي في “ليلة أمل”

نعم كانت “ليلة أمل” او ربما ليلة خارج هذا العالم والزمن او ربما ليلة انفصال عن الواقع والكون وكل هذه المجرّة وتحولت ليلة أمل اسامة الرحباني وهبة طوجي الى ليلة بث الحياة في الشعب اللبناني المتهالك وفاقد لكل اشكال الأمل.

ربما هي ليلة العودة الى الحياة بعد سنوات من الموت السريري على أسرة وباء كورونا وفوق جراح وطن مبعثر، منهك ومسروق. او هي ليلة ولادة جديدة لشعب يلملم اشلاءه كل يوم قبل ان يبعثرها المتآمرون من جديد. فمزيج الموسيقى الرحبانية والصوت الطوجي والعزف المعلوفي تحول الى خلطة سحرية بالأمس في بلد فقد كل سحره منذ سنوات واستطاع هذا المزيج الفني ان ينثر عطر الامل بالأمس فوق روّاد “الفوروم دو بيروت” الذين حضروا بالآلاف ليبايعوا هذه الثلاثية المبدعة ويمنحوها اصواتهم فاجتمع اللبنانيون لأول مرة على تيار ابداع عابر لكل الطوائف وكل اشكال اليأس والكآبة والإحباط، فحصلت لائحة الرحباني-طوجي-المعلوف على كل الحواصل وعلى الصوت التفضيلي وشكّلت الأكثرية في وطن مشتت ومقسوم ومهزوم امام جراحه.

تحت عنوان “ليلة أمل” وإيماننا ان لبنان حيّ في كل الشعب اللبناني وكل محبيه بأنه سيعود ليقف من جديد رغم أيّ شدّة، أطلت الفنّانة اللبنانيّة هبة طوجي والمُؤلّف الموسيقيّ والمُنتج اللبنانيّ أسامة الرحباني في أمسية وطنيّة في ٢٢ مايو ٢٠٢٢ في “الفوروم دو بيروت” في ليلة أقل ما يقال عنها انها ليلة كسر الإحباط، ليلة الفرح، ليلة الأمل والفرح.

جمع أسامة الرحباني في هذا الحفل الضخم خمسين موسيقياً من أبرز موسيقيّي الأوركسترا الفيلهارمونيّة اللبنانيّة أضافة إلى جوقة صوت الجنة وعشرات الراقصين المُحترفين، في حفل موسيقيّ بأضخم إنتاج شهدته بيروت بعد إنفجار ٤ آب الذي دمّر جزءًا كبيرًا من العاصمة بيروت.

أدّت هبة طوجي أشهر أغنياتها الوطنيّة والعاطفيّة أمام حشد جماهيري كبير ملأ مسرح “الفوروم دو بيروت” الذي تهدّم جراء انفجار الرابع من آب وتقديم الحفل فيه ما هو إلا دليل على حب الحياة والاصرار على تخطي كل الأزمات.

كما سجّل الحفل مُشاركة خاصّة للفنّان العالميّ إبراهيم معلوف، زوج هبة طوجي، الذي ألهب المسرح بعزفه وشغفه بالموسيقى. أيضًا مشاركة الفنانة اليسا التي قدمت أغنية وطنيّة بعنوان “أنا زهرة من الياسمين” من كلمات كمال قبيسي والحان اسامة الرحباني.

كما أثنت اليسا على صوت وأداء هبة طوجي، التي وصفتها بأنّها “لمعت في كلّ الأماكن، داخل لبنان وخارجه”، وعلى الدور الذي لعبه إبراهيم معلوف بعد إنفجار مرفأ بيروت، من خلال جمعه للفنّانين الفرنسيّين تضامناً مع بيروت. ثمّ أدّت إليسّا وهبة طوجي أغنية مُشتركة، تحمل مزيجاً من ألحان الراحل الياس الرحباني، في تحيّة إلى روحه.

الحاضر الأكبر في الحفل هما الأخوة رحباني “عاصي ومنصور والياس” الذين حملوا لبنان الى كل أنحاء العالم بفنهم العظيم والمُبدع، حيث ظهرت صورهم على المسرح، كما فقرر اسامة الرحباني توجيه تحيّة لروح الكبير الياس الرحباني الذي ودعناه مؤخراً وذلك من خلال تأديّة هبة طوجي واليسا اغنية “حنا السكران” على المسرح.

مع كل اغنية وطنية، علا التصفيق والهتاف في المكان وكأنّ اللبنانيين الحاضرين ارادوا ان يُسمِعوا السياسيين في بلدهم صوت اعتراضهم على سياساتهم التي تسبّبت بخطف البلد واخذ شعبه رهينة او ربما ارادوا ان يُسمعوا اله السماوات أنينهم علّه يلتفت اليهم فيصنع المعجزات او ربما ارادوا ان يوجهوا تحية لشهداء هذه الارض المقدسة الذين دفعوا حياتهم ثمناً لخلاصنا فخذلناهم وتاجرنا بدمائهم…

ومع كل اغنية عاطفية ورومنسية، تمايل الحاضرون وتلوّوا وكأنهم اشتاقوا الى الحب في بلد تهاوى من ثقل الكراهية والأحقاد او كأنهم تمنّوا في هذه الليلة ان يتخلصوا من زوايا مظلمة في قلوبهم اثقلها الهمّ وخيبة الأمل فتحرروا خلال ساعتين من طغيان الغضب عليها وغادروا “الفوروم دو بيروت” مع الكثير من الراحة والطمأنينة والسعادة والأمل…اولم يكن هذا هدف “ليلة امل” من الأساس؟

بُثّ الحفل مُباشرة عبر قناة أم تي في اللبنانيّة، وبوجود رئيس مجلس ادارة القناة الاستاذ ميشال المر، وتحت اشراف المخرج كميل طانيوس الذي قدّم كالعادة صورة مبهرة ولقطات رائعة وتابع المشاهدون من منازلهم الأمسية الوطنيّة المليئة بالفرح والطاقة الايجابية والامل بغدٍ افضل رغم الصعوبات المعيشيّة والازمات الخانقة التي تضرب البلد.

وقد حضر الحفل 5000 شخصاً غصّت بهم قاعة الـ “فوروم دو بيروت هذا بالاضافة الى وجوه فنيّة واعلامية وثقافية وغصت الصالة بجمهور هبة طوجي الذي ربما لم يتسنى له حضور حفلة لها في السابق خاصة انها مجانية. وبحسب أسامة الرحباني فقد نُظمت هذه الحفلة مجانًا “نكاية بكل الناس يلي ما بدن نعيد الفرح والامل لهل البلد”.

أدّت طوجي عدداً من أغنياتها القديمة وخصّت الحضور بجديدها أيضاً وسط تفاعل كبير لجمهور فاضت مشاعره مع هبة فغنّى ورقص وتأثّر ليتوحّد مع صوتها وإحساسها العالي. كما غنت هبة لأوّل مرّة  “راجع من رماده الفينيق” وهي أغنية تعكس وجع اللبنانيّين من شعر منصور الرحباني وألحان أسامة الرحباني وستكون ضمن الألبوم الجديد،  أضف إلى أغنيات وطنيّة نذكر من بينها “بغنّيلك يا وطني” و”وحياة الّلي راحو” و”لمعت أبواق الثورة” وأغنيات وجدانيّة مثل”بحبّك لآخر يوم” التي ستكون أيضاً ضمن أغنيات الألبوم الجديد بنسخة أوركستراليّة و”زمان” التي حرّكت الجمهور بشكل كبير ويبدو أنّها ستكون من الأغنيات “الهيت” في الألبوم و”عبالي أهرب عبالي” التي تحمل نمطاً وجدانياً خاصاً و”خلص لشو نتجادل” وغيرها…

أطلت هبة طوجي باللون الابيض م تصميم نيكولا جبران فكانت عروس لبنان التي لم تحتفل بحفل زفافها في بيروت بعد زواجها في عام ٢٠٢٠ وولادتها لإبنها “نائل” فتطل لأول مرة على جمهورها مرتدية الابيض احتفالاً بعودتها الى بيروت واحتفالاً مع جمهورها الذي شكّل حالة استثنائية في الحفل واكتظت الصفوف الخلفية بمعجبي هبة طوجي وكانوا كالجوقة لها والصدى والصوت.

من جهته، أشار أسامة الرحباني ، الذي أطلّ خلال الحفل بتصميم من توقيع بودي ديب ، إلى أنّ هذا الحدث وهو الأضخم من بعد إنفجار 4 آب، يؤكّد على حقّنا جميعاً بأن نحلم ونستمرّ، وأن نُقدّم فناً ونبقى منارة للشرق بفضل المُبدعين اللبنانيّين، من فنّانين ومُثقفين ومُفكّرين.

كما عبّر عن أسفه لغياب أيّ خطّة أو رؤية تدعم الفنّ والثقافة في لبنان، لذا كان قرار الإستمرار من خلال مقاومتهم الثقافيّة والفنيّة والفكريّة. هذا، واعتبر أنّ البعض يُحاول قتل الشعب اللبنانيّ من خلال قتل ثقافته وفنّه، وأنّ أهل السياسة والمال لدينا دفنوا رؤوسنا في الوحل، في حين أنّ المُثقفين والفنّانين اللبنانيّين يلمعون في الخارج. وأعرب عن إستغرابه كيف أنّ برامج المُرشّحين في الإنتخابات النيابيّة لم تتضمّن أيّ خطّة لها علاقة بالثقافة والفن.

الحفل برعاية مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون بشخص سعادة هدى إبراهيم الخميس مُؤسّسة المجموعة، والمدير الفنيّ لمهرجان أبو ظبي. شركة يونيفرسال أرابيك ميوزك الرائدة عالمياً في مجال الترفيه القائم على الموسيقى ورئيسها التنفيذيّ المُنتج العالميّ وسيم SAL صليبي. وملكة جمال أميركا السابقة والسفيرة في خدمة الإنسانيّة ريما فقيه صليبي. وميدكو الشركة البتروليّة اللبنانيّة الرائدة في مجال إنتاج البتروليرم.