رسالة مفتوحة الى صنـّــاع الدراما والكوميدية اللبنانية
ايها الأعزاء، الكوميديا هي فن اضحاك الناس، وكم اصبح صعباً على اي كاتب او ممثل ان يرسم البسمة على وجه المشاهد الذي أثقلت كاهله الهموم اليومية وضاق ذرعه من مآسي السياسة. تبنى الكوميديا على فن الكلام بذاته وفن اتقان الشخصيات، لأن ما يدوم في ذهن المتلقي هو الموقف المضحك وليس الشخصية؛ فلنأخذ مثلاً عمالقة الفن الكوميدي اسماعيل ياسين – ماري منيب – زينات صدقي – شوشو – فريال كريم وغيرهم الكثير، كانوا يقدمون فناً راقياً ولا يتصنــّـعون.لا تبنى يا اصدقائي الكوميديا على شخصيات وهمية مركبة وحركات مبتذلة وتلاعب على الكلمات. ان ما نشهده اليوم سواء في السيناريو او في الحركات التمثيلية لا يعبــّـر بتاتاً عن الروح الكوميدية، بل يـُــضحك المشاهد لبرهة من الوقت ليعود بعدها فينسى المشهد برمته. ان هذه المسلسلات والأعمال التي تدعي الكوميديا انما الكوميديا براء منها، لتكرار مواضيعها ولسذاجة حوارها وللإنحطاط والتدني في مستواها. لنأخذ مثلاً على كلامي، مسلسل “نهاد وسعاد” ، الذي قام بتأليفه الممثل الموهوب طارق سويد، بدأ هذا المسلسل بفكرة جديدة شدّت المشاهد وهي عبارة عن آنستين تتكلمان اللغة الجبلية وتتعلقان بكل شاب تصادفانه وتتقاتلان لنيل رضاه وحبه. فكرة جديدة، لكن الفكرة قد ماتت بمجرد مشاهدة الحلقة الثانية والثالثة فهذه الحلقات هي تكرار للمشاهد وللحوار وللمواقف، فأين الكوميديا في ذلك؟ ولماذا الإصرار على أن تكون الأعمال الكوميدية محصورة بمسلسلات او سيتكوم، اذا ما نضبت الأفكار لماذا لا نخصص حلقات كوميدية منفصلة على ان يكون لكل حلقة موضوع؟ واذا ما تابعنا نجد على شاشة المستقبل مسلسل “نفرح منك” الذي هو ايضاً من كتابة طارق سويد. لا أدري لماذا الإصرار على حرق موهبة هذا الشاب اذ لا يجوز اطلاقاً أن يعرض مسلسلين لكاتب واحد وان تكون المواضيع متشابهة لهذه الدرجة. فيا عزيزي طارق، يطمح الكثيرون ليكونوا بمثل موهبتك، نمــّـهـا ونوّع أكثر في مواقفك ولا تحصر المشاهد في كادر واحد على مدى خمسة عشر أو عشرين حلقة بل انقله من حالة الى اخرى ليبقى وفياً لك. وقد كانت النصيحة في الماضي بجمل ….عسى أن يسمعها أحد اليوم! والحديث يطول على برامج الترفيه السياسية التي ترتكز على التقليل من قيمة الشخصيات السياسية ولا تقدّم اي جديد، بل هي قراءة لمواقف سياسية، كل بحسب ميوله، وتكرار لها، واذا ما انتقدت ذهبت حد التجريح بالمقامات، فاين الضحك في ذلك؟ يا ايها السادة المسؤولون عن محطات التلفرة، ألا ترون ان نسبة المشاهدة تتدنى من اسبوع لآخر؟ألا تعون حجم الأزمة التي تمر بها قنواتكم؟لا تعزوا هذه الضائقة الى الأزمة المالية العالمية، بل لنفتح أعيننا ولنواج الحقيقة وهي سوء انتقاء البرامج والمواضيع، وسوء التوقيت. وهنا لا بد لي أن أنتقد مواعيد عرض برامج عيد الميلاد على شاشة أحبها وأقدرها جداً، المؤسسة اللبنانية للإرسال، اذ كيف نتوقع من ابن العشرة الأعوام الذي يجب ان يستيقظ باكراً في صباح اليوم التالي ليكون في صفه يتابع التحصيل العلمي، كيف نتوقع ان يسهر لساعة متأخرة من الليل لمشاهدة أفلام العيد التي يبدأ بثها، بأفضل الأوقات، على الساعة الحادية عشر ليلاً ؟ كلها اسئلة برسم المعنيين. وفي النهاية أختم بأمنية، أن تصبح الدراما اللبنانية صناعة بحد ذاتها تغني اقتصادنا تماماً كما السياحة وباقي الصناعات