رأي خاص – انتهى السباق الرمضاني ولكن تحليل نجاح مسلسل لوْ لم ينته بعد
ها قد إنتهى شهر رمضان المبارك، وبعد أن خاض السباق انتاجات كثيرة تفاوتت درجة قوتها ونسبة مشاهدتها، نتوقف اليوم عند إحدى هذه الأعمال المميزة التي تابعها الجمهور بشغف وترقب النهاية المأساوية بحزن…
مسلسل “لو” تابعه الجمهور اللبناني والعربي على مدى ثلاثين حلقة على أكثر من شاشة عربية…فتعلق بداية وقبل بدء عرضه بأغنيته الرائعة او الشارة التي كتبها ولحنها الفنان المبدع مروان خوري وطبعتها النجمة إليسا بصوتها الرومانسي تاركةًًً بصمتها على العمل ما جعل الجمهور يتأثر بشكل مضاعف به وبالقصة من خلال الأغنية التي ترجمت الموضوع بأكمله وبصدق بأجمل الكلمات وبلحن رائع وصوت يدخل كل قلب بدون مقدمات…
ومع بدء عرض المسلسل لم يخب أمل المشاهدين إذ لم يقلَ روعة وأهمية عن الأغنية رغم بطء سير الأحداث في بعض الحلقات كما صرح الممثل عابد فهد والإطالة في مشاهد اعتبرتها الممثلة نادين ن نجيم مبررة،إلا أنه بالإجمال لقي إستحسان الجمهور الذي إنتظر حتى النهاية ليعرف مصير كل من ليلى وغيث وجاد فحزن حزناً شديداً وتأثر كثيرا بالنهاية المأساوية والقاسية…
مسلسل “لو” إجتهد على إنجازه فريق عمل قدم كل إمكانياته ومجهوده لتقديم إنتاج رمضاني يلفت النظر ويترك بصمة رغم كثرة الإنتاجات والأعمال…فبداية رغم أن العمل مقتبس من فيلم ” unfaithful” الأجنبي إلا أن الكاتب بلال شحادات عرَبه ليكون على مقاس الذوق والبيئة والمجتمع العربي كذلك فعلت نادين جابر التي شاركت كتابة بأسلوبها الخاص وبرؤيتها الكتابية الخاصة فحافظا معاً على بعض الأعمدة الأساسية التي تعتبر من أركان القصة واضافا أموراً مميزة من مخيلتهما الكتابية فجعلاه يكون “لو” العربي بنجومه اللبنانيين والعرب..وقد استعان الكاتبان بلغة غير معقدة وغير خشبية بدون فلسفة ومبالغة بل كانت الحوارات سهلة ولكن غير سطحية اختاراها من الشارع ،من كل بيت عربي فلم تستفز العبارات المختارة المشاهد بل شعر انه ذاب فيها وتفاعل معها .وبالعودة الى الاقتباس لا يهمنا كمشاهدين من اقتبس وعن ماذا فالنتيجة هي ما تعنينا والقصة كما رسمت وعولجت وتشعبت وانتهت ممتعة ممتعة ممتعة….
أما الكاست فكان إختياره ممتازاً، فكل ممثل تقمص الشخصية “بكراكتيره” الخاص وقدم دوره بأسلوب إحترافي راقٍ بدءًا بالممثل السوري الرائع المخضرم عابد فهد الذي أنسى الجمهور العربي في دوره “غيث” كل قساوته واجرامه في أدواره الماضية، فتعاطف معه الجمهور كثيراً في العمل وظهر لهم بصورة المثالي والزوج الحنون المتسامح الذي يحافظ على زوجته وكيان عائلته، وهذا ليس غريباً على ممثل كبير ومحترف بحجم عابد فهد رغم انه اطلق النار على المسلسل دون ان يدري ولو اننا مع حرية التعبير الا ان اللياقة المهنية كانت تفترض ان يدافع عن العمل الذي كان جزءاً اساسياً منه .
وصحيح أن دور “جاد” لم يقدم الكثير للممثل يوسف الخال باستثناء شعبية وشهرة عربية اضافية لأنه سبق له أن لعب أدواراً قوية كهذه ولكن يبقى يوسف من الممثلين الذين مهما قدموا ينالون إعجاب الجمهور الذي يحب مشاهدتهم في مختلف الأعمال والمسلسلات…فضلاً عن أن لتمثيل يوسف سحر خاص وسر استثنائي رغم اننا اقتنعنا بعشقه لجلنار في مسلسل “واشرقت الشمس” اكثر من عشقه لليلى في مسلسل “لو” فكان عشقه متوهجاً في الاول وهادئاً نوعاً ما في الثاني وقد برر لنا يوسف ذلك بأنه اراد ان يقدم صورة جديدة للعاشق فلا تشبه ادواره نفسها ويقع في التكرار وقد نجح فعلاً بتحقيق ذلك واقنعنا انه حبيب غريب الاطوار هادىء بالشكل وبركاني بالعمق والمضمون وردات الفعل…
ونادين نسيب نجيم التي عادت بعد سنتين غياب الى الشاشة الصغيرة في رمضان ملأت الدنيا وشغلت العالم وكانت على كل شفة ولسان في دور “ليلى” الجريء نسبياً بقصته على العالم العربي الذي ما زال لا يتقبل رؤية المرأة بدور الخائنة، أجادت نادين دورها بإحترافية وطبيعية وسلاسة كبيرة، فكانت جد مقنعة. ورغم خيانتها جعلت الجمهور يتعاطف معها ويبرر لها فعلتها…أما في أخر حلقات العمل فتُرفع لها ولتمثيلها المؤثر المبكي الذي اقشعرت له الأبدان وبكيت له العيون القبعة. تشاهد نادين نجيم وتتساءل ان كانت فعلاً تمثل او انه تلفزيون الواقع الذي يرصد حياتها اليومية وكل الاحداث التي تعيشها وتتفاعل معها حيث ارتقت بتمثيلها الى مرتبة الاحتراف فكانت الرقم الرمضاني الصعب واستحقت ثناء وتنويه النقاد ومعظم النجوم وربما تكون النجمة الدرامية شبه الوحيدة التي كسبت رهان الذين لم يتوقعوا ان تحقق هذا النجاح الكبير فقلبت كل المعادلات واثبتت انها ملكة في الشكل والمضمون والموهبة التي كالشمس لم تستطع حجبها اي انتقادات مغرضة او حاقدة.
كذلك فإن كل الممثلين الذين شاركوا في العمل اضفوا روحاً تمثيلية مميزة وقدموا أدوارهم على مستوى تمثيلي عالٍ نذكر منهم الممثلين السوريين ديما بياعة وعبد المنعم عمايري، الممثلة المميزة سارا أبي كنعان، الممثل عصام بريدي وضيفة المسلسل الممثلة القديرة وداد جبور…
أما بالنسبة للإنتاج فحدث ولا حرج عن ضخامته ورقيه وهذا ليس جديداً على شركة الصباح العريقة والمنتج صادق الصباح الذي لطالما قدم لنا أعمالاً عربية راقية ورائعة تشرَف الدراما اللبنانية والعربية…
وفي النهاية، لفتنا ما كتب لحظة إنتهاء المسلسل:” حكايتنا انتهت… و (لو) ما زالت تعبث بأقدارنا…صدفة أخرى ستولد منها حكاية (لو)جديدة…انتظرونا…”فنتوقع قصة جديدة نشاهدها في رمضان ٢٠١٥ تكون بطلتها أيضاً ال “لو”…والنجمين يوسف الخال ونادين ن نجيم ونجم ثالث سيحل مكان عابد فهد الذي اعتذر عن المشاركة بعدما وقع عقده مع الصباح لمسلسل ثانٍ في رمضان المقبل.