رأي خاص- (او تي في) ان لم تؤمني أنتِ ببرامجك فمن تراه يفعل ؟ وبرنامج (لوري بالدني) يحلّق بجناح واحد‎

اخذتنا الممثلة لورين قديح معها ضمن برنامجها “لوري بالدني” الذي يعرض عبر شاشة ال”اوتي في” الى “قبرص التركية” حيث يظهر الفن المعماري التركي والأزقة القبرصية التقليدية في تجوال داخل مدينة “كيرينيا” بداية من مينائها التقليدي مرورا بقلعتها الشهيرة الى نيقوسيا والجامع السليمي وصولا الى الاسواق التي تقع على الحدود مع قبرص اليونانية.

من تاريخ يعود لمئات السنين عرفتنا “لورين” على قبرص الشمالية كدولة بحكم الأمر الواقع تقع في الجزء الشمالي من جزيرة قبرص ذو أغلبية السكان من أصول تركية فبرغم من إدارة هذا الجزء من جزيرة قبرص كدولة مستقلة،لا تعترف باستقلاله أي دولة أو مؤسسة دولية،ما عدا تركيا اذ تدير جمهورية شمال قبرص علاقاتها الخارجية بوساطة تركيا.كذلك يرتبط اقتصاد الجمهورية بالاقتصاد التركي بشكل كامل حيث تستعمل العملة التركية كعملتها الرسمية،كما تعد مركزاً جذاباً على مر التاريخ فعند زيارتها ستلتقي بآثار التاريخ وتشاهد الماضي الغامض عند كل خطوة مرورا بالغزو البيزنطي فالعثماني الى البريطاني.

اعدّت”لورين”برنامجاً حافلاً بالزيارات التاريخية تضمنت جولة في بعض من الفنادق التي تشبه القصور من الدرجة الأولى حيث حظيت تلك الفنادق باهتمام واسع من قبل ادارة السياحة القبرصية لاعطاء فكرة عن منتجعاتها واماكن السياحة في قبرص فعرفتنا عن غنى الدولة، كما تضمّنت جولة في مدينة”كيرينيا الساحلية”بمينائها التقليدي البحري وقلعتها التي تضم الاخيرة متحفاً للسفن الغارقة التي كانت تجوب المنطقة من الجزر المجاورة منذ مئات السنين اذ تنتشر المقاهي على طول الكورنيش،مرورا بقلعة “هيلاريون”حيث يظهر جمال الفن المعماري التركي المبنية على شكل القصور مع الازقة القبرصية التقليدية الضيقة من الجبال المشرفة على الساحل التي تطل على المدينة والتي استخدمت قديماً كنقطة حماية للساحل من الغزوات الخارجية.

ولا ننسى زيارتها الى “بويوك هان”اي الخان الكبير الذي بناه المحافظ العثماني مظفر باشا سنة 1572 الذي يستخدم كمركز اجتماعي وثقافي يتم فيه التعريف بالمطبخ التركي القبرصي، وفيه اعمال يدوية معروضة للزوار والمطاعم في جميع الاوقات وهو من افضل الاماكن لتناول مأكولات تقليدية خفيفة من المطبخين التركي والقبرصي.

لتكون محطتها الاخيرة قرب الخان التي تقع على الحدود مع قبرص اليونانية حيث تنتشر الاسواق القديمة المجددة التي يتسوق منها القبارصة والسواح على حد سواء، وتضم جامع السلامية العريق التي تجولت في داخله،هذا الى جانب الآثار العديدة التي تتحدث عن عراقة الشعب القبرصي وعن الحضارات المتنوعة التي حكمت هذه الجزيرة الرائعة التي هي بحق لؤلؤة البحر الابيض المتوسط.

“لوري بالدني” يشهد تقدماً ملموساً وملحوظاً حلقة تلو الاخرى ولمن لا يعرف فإن حلقاته الاولى شهدت “عملية تجميلية” ان صحّ التعبير بعد الحادثة التي حصلت حيث اتلفت بعض اجزاء الحلقات التي كانت مصوّرة سلفاً ونجمة فيلم “حبّة لولو” لورين قديح نجحت في السيطرة على الموقف بحيث لم يتنبّه البعض الى رداءة الصورة والصوت في الحلقات الاولى الا ان حلقة الامس كانت متكاملة ومفيدة ولورين التي تلعب دور المرشد السياحي تقوم بعمل جبّار لناحية اعطاء تفاصيل دقيقة عن الاماكن التي تزورها في قالب مسلّ خاص بها قد لا يتقبله البعض بسهولة لأنه جديد بعض الشيء في الشكل والمضمون على عالمنا العربي، فبالعادة تكون برامج الارشاد السياحي مملة وجامدة الا ان لورين اخذتها الى مكان مختلف وبأسلوبها غير التقليدي عرفت كيف تضيف اليها من روحها المشاكسة ومن حيويتها وطاقتها الايجابية فأصبح البرنامج يضجّ بالحياة ونحن متأكدون ان الحلقات المقبلة ستشهد على مزيد من المفاجآت.

برنامج “لوري بالدني” يحتاج الى انتاج أكبر بكثير لكي لا يذهب جهد لورين سدى ولكي تطلق العنان لمخيلتها وأفكارها وجنونها ونشهد على تغيير جذري لمفهوم الreality TV بما ان ما تقدمه يندرج في هذه الخانة ولكنها وبالرغم مما أعطي لها وهو متواضع جداً ،تقدّم مادة مسلية وشاملة ضمن امكاناتها دون ان نغفل عن موضوع مهم جداً وهو ان محطة “او تي في” لم تقم بأي مجهود للترويج للبرنامج وهي ربما تجهل ان هذه البرامج بالتحديد هي الاكثر جذباً للمشاهدين حول العالم الا انها لم تستثمر بذكاء نجاح لورين الساحق في فيلم “حبّة لولو” ولم يتم تقديمها لمشاهدي (او تي في) بشكل محترف وجدّي. وما شهدناه حتى اليوم من تسويق للبرنامج يقتصر على مجهود لورين الشخصي على صفحاتها الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي وهذا لا يكفي ابداً لكي تستدرج المشاهدين “غير العونيين” (عذراً على التعبير الا انه الواقع) الى مشاهدة برنامجها والبرنامج الذي لا يجمع كل اللبنانيين من كل الانتماءات لا يصل الى اي مكان باستثناء أروقة المحطة التي يعرض على شاشتها ولا يحقق الانتشار والشهرة و”او تي في” لم تساعد لورين بتنظيم اي حملة دعائية ترويجية، فخيّل لبعض الناس وكأن لورين مرشدة سياحية فقط والبرنامج لا يقدّم جديداً في حين ان “لوري” حالة خاصة بحدّ ذاتها والبرنامج لو كان على أي محطة تقدّر الابداع ومنفتحة على ما يقدّم اليوم عالمياً ووفرّت التمويل وفريق العمل الكبير والمحترف لكان برنامج “لوري بالدني” اليوم من أهمّ برامج الreality tv خاصة وان لورين قديح امرأة مثيرة للجدل بالشكل والمضمون فهي ذكية ومثقفة جداً وخفيفة الظلّ ومثيرة وهذه صفات ان اجتمعت معاً في امرأة واحدة تجعل منها أقوى النساء على الاطلاق، فكيف ان كانت على الشاشة ؟ ولكن للأسف على شاشة الظاهر انها لا تقدّر هذه الموهبة الاستثنائية التي تستمّر في التخبط في قمقم الانتاج الخجول ولعلها غلطة لورين انها اختارت عرض فكرة برنامجها على محطة ربما تفتقد الى رؤية ابداعية عالمية ولا تستثمر في موهبة خام تحتاج فقط الى من ينحتها ويصقلها ويعرضها على آلاف المشاهدين والاهم ان يشعر بالفخر بها.

موهبة لورين قديح ثمنها الملايين في الغرب في حين نستخف بها وبأمثالها في لبنان لأننا نقدّر ما لدى الغرب ونتجاهل ما لدينا من طاقات بشرية ابداعية في كل المجالات وهي تحتاج لإنتاج كبير جداً فكيف تفرد النسور أجنحتها في غرفة صغيرة بينما هي تحتاج الى فضاءات واسعة وكيف يلمع الماس وهو مغمور بالغبار؟

انا متأكدة ان ما نشاهده اليوم في برنامج “لوري بالدني” هو جزء خجول مما أرادت لورين قديح القيام به وايصاله لنا كمشاهدين ولكن ان عرفنا حجم انتاج البرنامج كاملاً والذي لا يسد ثمن حلقة واحدة من برامج أخرى على شاشات منافسة نقدّر لورين أكثر ونحترم اصراراها على تقديم برنامج بميزانية معدومة وهذا يتطلب شجاعة ومغامرة كبيرتين في ظل المنافسة الشرسة التي تشهدها المحطات اللبنانية.

“او تي في” لم يفت الاوان بعد على مساعدة لورين قديح على تقديم موهبتها بشكل يليق بها وبكم وعليكم ان تؤمنوا أكثر بمواهبكم الاعلامية لكي تتفوقوا على منافسيكم، آمنوا بها وشجعوها وادعموها بكل ما اتيتم من قوة و”الشطارة” يا سادة في بعض الاحيان وفي عالم الاعمال والتسويق هو ان تقنع الآخر ان منتوجك عظيم وهو الافضل وحتى لو لم يكن كذلك فكيف ان كنتم تملكون واحدة من أكثر المواهب اثارة للجدل فعليكم استثمارها بذكاء كبير والعمل على بلورتها من خلال تأمين كل الدعم المعنوي والمادي لها.

مقالات متعلقة

Back to top button

Adblock Detected

Please disable ads blocker to access bisara7a.com