رأي خاص- نادين الراسي غرّدي ما شثتِ خارج السرب فأنت اخترت لنفسك سماءً مختلفة
انتظرتُ كثيراً قبل ان اكتب عنها ، تابعتُها، تجسّستُ عليها، راقبتُها من قريب ومن بعيد، امعنت في النظر اليها وفيها واختبرتها فوجدتها أثمن من ان تُقدّر بكلمات…
لا أبالغ اليوم ان قلت ان نادين الراسي واحدة من أجمل ممثلات الشاشة الصغيرة لبنانياً وعربياً .
ولا ابالغ ايضاً ان قلت انها من أنبل وارقى الممثلات وأكثرهن احتراماً لنفسها وجمهورها.
ولا ابالغ ايضاً وايضاً ان قلت انها من أكفأ المواهب وربما اكثرها احترافاً !
تابعتها مؤخراً في مسلسلي “سنعود بعد قليل” و”الولادة من الخاصرة”، ولم اكتفِ بالنجاح الذي حقّقته فيهما، اذ كنت انتظر عملاً اضافياً لكي احكم عليها نهائياً بالابداع والاحترافية… فكانت “اميليا” !
نادين الراسي نجمة “اللّب” وليس القشور …نجمة تختار الادوار التي تثبّت انها قادرة ومتمكنة ومحترفة، ولا تبحث عن ادوار تفوق أهمية البهرجة فيها، أهمية ادائها لأدوارها .وهي لا تبحث عن ادوار تكرّسها ملكة جمال على عرشٍ مؤقّت وفارغ، انما تمعن في البحث عن عرش درامي يكرّسها ملكة في مسلسلاتها .
نادين الراسي في كل ادوارها كانت “الليدي” الراقية ،التي كالنسمة تدخل قلوبنا وبيوتنا وتسكنها ولا تغادرها ابداً .حتى انني اقف متأمّلة ومذهولة امام تقدّم هذه الفنانة ، اين كانت واين اصبحت، واي مكانة حجزتها لنفسها في القمّة …
لم تهتم نادين الراسي يوماً بالأدوار الفخمة والفارغة، تلك التي تكون عادة اكبر واهمّ من مؤدّيها… تلك التي تحتاج فقط الى من يرتديها، ايا كان مرتديها..لا يهمّ !
تلك الادوار التي تعتمد فقط على الثياب والسيارات والمجوهرات والفيلات الفخمة، فيحوّل الانتاج الضخم الممثلة -أي ممثلة – الى نجمة، في حين اثببت الراسي انها وبقدرتها واحترافيتها وابداعها يمكنها ان تحوّل أي دور ترتديه -مهما كان متواضعاً- الى نجم مطلق ، الى حديث الشارع والناس وهذا ما اثبتته دائماً.
ودورها في مسلسل “اميليا” اكبر تأكيد على كلامي اذ برعت هذه المرأة الحديديّة في جذب المشاهد اللبناني والعربي من خلال محطتي lbci وldc والتأثير فيه واستدراجه الى المتابعة اليوميّة وتحقيق اعلى نسبة مشاهدة وهي ترتدي ثياباً متواضعة، وهي تتخبط بالبؤس والفقر والحرمان،
وهي لا تضع الماكياج على وجهها وهي لا تعتمد الاغواء والاغراء، وهي معدومة…
الا انها اثرى الاثرياء على الاطلاق، بحضورها القوي وادائها المحترف وكاريزمتها التي قد لا تتكرّر، حيث استطاعت هذه الارملة البائسة واليائسة ان تعيد خلط الاوراق وتغيير المعادلة والاثبات ان الدراما اللبنانية تحتاج- لكي ترتقي الى مستوى الابداع- الى فنانة محترفة مثلها ، ممثلة مقتنعة ان دورها وأداءها وما سيخرج من فاهها أهّم بكثير من الاحذية وحقائب اليد “السينييه” !!
نادين الراسي في “اميليا” كما في كل ادوارها الاخيرة أضافت كثيراً الى الدراما اللبنانية والعربية وساهمت الى حدّ بعيد بتلوينها وتلميعها وزخرفتها وتزيينها ونجحت هذه الجميلة في تخطي جمالها مسترسلة في البحث عن مكامن روحها لتتشاركها مع المشاهد وتتسلّم منه شهادة أبدية بأنها من مبدعات جيلها ان لم تكن اكثرهن ابداعاً….