منى أبو حمزة: لا لتجويع اللبناني

يوماً بعد يوم تثبت الإعلامية اللبنانية منى أبو حمزة أن وراء هذا الوجه الجميل الذي يقف خلف “حديث البلد”، أحد أنجَح البرامج الحوارية التلفزيونية على الصعيد العربي، امرأة تستطيع أن تكون قدوةً لجيل كامل من الشباب اللبناني، وإنسانة تتفاعل مع محيطها، لا يُلهيها عنه تصنّع جمال أو تصنّع ابتسامة، كما في كثير من الحالات…

كل شيء في منى أبو حمزة عفوي وصادق، وهذا بالضبط ما ينطبق على التجمّع المدني السلمي الذي دعَت الإعلامية اللبنانية إليه، بهدف الوقوف في وجه الغلاء المتصاعد والمُذِلّ في لبنان.

“بيكفّي! وصلِت معكن للضمان الاجتماعي وربطة الخبز! ولَو!”. هذا هو التعليق الذي كتبته منى على صفحتها الرسمية على “فايسبوك”، مُرفقاً برابط لأغنية الفنان زياد الرحباني “أنا مش كافر”. هكذا انطلقت فكرة الاعتصام، على ما تكشف مقدّمة “حديث البلد” في حديث خاص لـ”الجمهورية”. وتشرح: “بصراحة، لم يكن هناك أيّ تخطيط لهذه المبادرة، فبمجرّد أن وضعتُ أغنية زياد والتعليق المرفق بها، حتى لمستُ تفاعلاً كبيراً من الشبّان والصبايا، وأحسستُ بحرقة الناس وصرخاتهم المكبوتة، فولدت فكرة هذا التجمّع بطريقة تلقائية “عفوية”.

وتكشف منى أن أكثر ما استفزّها للقيام بهذه الخطوة هو ملف الضمان الاجتماعي ورفع سعر ربطة الخبز، قائلة: “اللبناني لا يستسهِل البَوح بمشاكله، وكرامته غالباً ما تمنعه من الشكوى. وقد يكون عرف أن يتحايل إلى الآن على الضائقة المالية، إلّا أن أحداً لا يعلم ماذا يحدث خلف جدران المنازل اللبنانية من صعوبة عَيش”. وتضيف: “أن يَطال الأمر رغيف الخبز والضمان الاجتماعي، فهذان مؤشران خطيران على تردّي الأمور، فكلنا يعلم أن الناس سيموتون جماعياً في بيتوهم أو على أبواب المستشفيات متى توقّف الضمان الاجتماعي، نظراً لغلاء الاستشفاء واستحالة الحصول عليه من قبل شريحة لا يُستهان بها من اللبنانيين، وهذا ما لا يقبله عقل”.

وعن تفاصيل الاعتصام وموعده الذي تتمنّى أن يتمّ نهاية الأسبوع، تقول منى: “لا يمكننا أبداً أن نتخطّى القانون أو السلطات في هذا المجال، وقد تحدّثت إلى محامٍ خاص للحصول على إذن من معالي وزير الداخلية قبل تحديد أي موعد للتجمّع، إذ يهمّنا أن يكون كل شيء قانونياً مئة في المئة”.

وتشدّد منى على أن “طابع التجمّع سلمي، وهدفه إيصال صرخة اللبناني بعيداً من أي صبغةٍ حزبية”. وتضيف: “غالباً ما يدفع الشعب اللبناني الثمن الباهظ لنزول الأحزاب وحدها إلى المظاهرات، ما يجعلها تأخذ منحى سياسيا وتفقد قدرتها في التأثير. أمّا اليوم، فالجميع مدعوون للمشاركة في هذا التجمّع فور استحصاله على التراخيص اللازمة. والدعوة تشمل كل اللبنانيين من عمّال ومعلمين وتلاميذ جامعات وسائقي سيّارات أجرة وباصات وأهالي مرضى من كل الأديان والمذاهب والمناطق، إضافةً إلى الجمعيّات غير الحكومية التي تقوم بمجهود جبّار لمساعدة المجتمع اللبناني وسَدّ الفراغ، والتي لولاها لكان الوضع أسوأ بكثير”.

وتتابع: “هذا التحرّك ليس موجهاً ضد أي جهة سياسية، والدعوة إليه تشمل أيضاً أعضاء الأحزاب والتيّارات السياسية المختلفة الذين ندعوهم للمشاركة بصفتهم الشخصية كمواطنين، لأنّ الجوع لا يميّز بين دين وآخر، أو طائفة وأخرى، وليس له أيّ حزب أو تيّار سياسي …”.

وعمّا إذا كان هذا التحرّك يعنيها في الصميم، وهي المعروف عنها أنها ميسورة ماديّاً، تجيب: “مَن منّا يعيش على جزيرة؟ مَن مِنّا يعيش معزولاً عن محيطه؟ كلّنا محاطون بأشخاص وأقارب هم ضحايا الأزمة الاقتصادية. فأنا شخصياً موظّفة، ووالدي موظّف، وأختي موظّفة، وأخي موظّف. وهذا ينطبق أيضاً على اخوة زوجي، فكلنا معنيّون بما يجري”.

وتضيف: “أحب ان أذكّر الأشخاص الميسورين مادياً أنهم ليسوا بمنأى عن الوضع العام، فتردّي الوضع الاقتصادي يؤدّي إلى تدهور الوضع الأمني، وبالتالي الكلّ مَعني. ثم إن بلداً مثل لبنان، بما يملكه من مقوّمات للازدهار، يجب أن يعيش فيه كل مواطن متمتّعاً على الأقل بالحد الأدنى من العيش الكريم”.

وعمّا إذا كان وراء هذا التحرّك طموحٌ سياسي، تُسارِع أبو حمزة إلى القول: “أبداً أبداً. أنا من أشدّ النافرين من العمل السياسي على رغم احترامي لجميع العاملين في هذا المجال. لكنني على الصعيد الشخصي أشعر أنه لا يعنيني من قريب أو من بعيد. وأرى أنّ دورنا كإعلاميين أهمّ بكثير من دور السياسيين. كما أنني أخاف، في حال

وَصلتُ أنا أو غيري إلى أيّ مركز سياسي، أن ننسى أننا من الناس. لذا، فالعمل السياسي لا يُغريني بتاتاً”.

وتختم منى حديثها داعية الجميع إلى المشاركة في التجمّع ضد الغلاء، قائلةً: “مش مَسموح بَقا نجَوِّع اللبناني”!

نقلاً عن جريدة الجمهورية اللبنانية

مقالات متعلقة

Back to top button

Adblock Detected

Please disable ads blocker to access bisara7a.com