مزامير الساهر البابلية

أطـلَّ قــمــر بـغــداد كــاظـم الـســاهر فـي ســماء ٍ نــوّارةٌ
يـُظـلِلـنـا رحـيـقـهـا بـالـغـيـم نــد ٌ وعـنـبـرٌ تـعـبـق بـالـطـيـب ريـاحـيـنهـا
سُـحـبٌ سـواكـبُ
أنغامـاً جـرت مـن الـسمـاء نـرجـسـاً تـسـاقـط مـن أنـامـلهُ الـعـقـيـق
ولـحـنـاً بـابـلـيـاً تـصـوّغ مـن شذاهُ جـنة الـهـيـام
والـنـجـوم مـا لـهـُنَ سـمـاء ْ الأ فـي سـمـائـه لأنَّ الشعرَ حينَ يكونُ غـنـاءً فيهِ
شموس الحسن تغفى في زُهْـرُ الكَوَاكِب ِ الـساهرية وأقمار العراق مطالعها الخيام
مـن رواسـي دجـلـة … ونـفـحـات الـفـيـحـاء … وأرض الأنـبـيـاء
ليلة ً معطرة بباقة زهور من الرافدين ملأ الوجود عبقها
زفــت لنا نغمٌ ساهرياً من الرصافة والكرخ رحيلاً إلى أرض الغرباء
يامن جعل مهجرهُ عزةً وإِبــــــاء
يامن تناغمت ألحانهُ بين أوتار السمـــاء
وعزفا ً تتيه بسحره الأوزانُ يزجي صهوة الأنغامِ يهمي الكون فيه ببوحَ قيثارِ
تغنّى الساهر كأنّه الفجر يبثّ في الصباح شكوى اللّيالي فأسمعنا لوعتهُ بأنفاس الأوتارِ سـكب فيها أنفعالنا و أحتسينا من كؤوس الحب لحناً أرقصنا فيه رقصة الصبا وأطربنا بالسحر من كؤوس الجمال وطرب القلب بالهوى وطربت الأزهار بالعطر والنّدى والظلال والآمال
أنـغـامـاً تعبق بالجمال كلما تعب الزمانُ ينام فيها شوقاً من طيف الألوان
فـــي ثـــغــر لــحـنــه بــســمات العراق وعـــشــق جــنـــون الــــفـــرات و الـحـــبُ فــي فــمــه نــشــيـــد نـــديّ والغـــرام فـــي فـــؤاده صــلاةً قـــدسـيـّة.
أنستهم شتاء أمستردام البارد فأمطروه بالورود وزينت أعلام العراق القاعة من جهات عديدة فبادلهم وتر العشاق كاظم الساهر بحب وسافروا معه ولو لساعات بعيداً عن المدينة التي شبعت من الموت فعاشوا لحظات السعادة والفرح،عندما أحيا الفنان كاظم الساهر حفلاً غنائياً لأول مرة في هولندا.
والــذي يـعــتــبــر الــحــفــل الأول لــوتــر الــعــشــاق ومــلك الــغــنــاء الــعــربــي
كــاظــم الــســاهــر، كــمــا إنــه الــحــفــل الأول لــفــنــان عــربي عــلــى أعــرق مــســارح الــعــالــم وأشــهــرها ليــصــل الــغــنــاء الــعــراقــي والــعــربــي لأبــعــد مــدى فــي هــولــنــدا وكــافــة أنــحــاء الــعــالــم، لــيــســجــل فــي تــاريــخــهُ الــحــافــل بـالــنــجـاح مــا ســيــدونــهُ الــتــاريــخ كــأول مــطـــرب عــربــي يــغــنــي عــلــى خــشــبــة مــســرح الــقــاعــة الــمــلــكــيـة فــي أمــســتـردام فــي أعــرق مــعــالــمـهـا الــفــنــيــة
وقدمه المنسق العام للـحـفـل رجـل الأعـمـال والـشـاعـر العـراقـي مـأمـون الـنـطـاح بقصيدة مــاذا أقولُ ومـَن يـُساعد أحرُفي بينما أستوقف الجمهور الشاعر وهو يصفق الى الساهر طويلاً بين روعة السطور التي عزف لها السوسن وبين لحنـاً ينشــــدهُ المــــلأ ،
وأيضاً قد قدمتهُ المطربة العراقية المتألقة بيدر البصري بأغنية
من أغنيات كاظم الساهر تقول أنسى.
وقدم الساهر لجمهوره خلال الحفل باقة من أغانيهُ القديمة والحديثة ،
حيث لاقى الحفـل الجماهيري الكبير الذي أحياهُ وتر العشاق الفنان كاظم الساهر في العاصمة الهولندية أمستردام يوم الجمعة المصادف السابع عشر من أيلول عـلى مـسـرح القـاعـة الملكية الـكـونـسـرت خـيـبـاوا الـتـاريـخـيـة ، إقبالاً جماهيريًّا كبيرًا ونـجاحـاً بـاهـراً، حيث تجاوز عدد الحضور بأكثر من ألفين من المعجبين والمعجبات من جميع أرجاء هولندا ومن خارخها كان الجمهور متفاعلاً بشكل كبير مع أغاني وآهات الساهـر
الذي ألهب القاعة بصوته العذب.
وكانت الجالية العراقية والعربية وغيرها من الجاليات القادمة من كل أنحاء أوروبا
قد حضرت الحفل الساهري منهم الجالية العراقية في السويد التي قدمت الى وتر العشاق كاظم الساهر بباقة ورد على شكل العلم العراقي.

ومن بين تلك الأزهار الحمراء التي وقفت عدستي
مبهورةً من هالات القصائد المضفورة بآلاف الأزهار كالقرنفلةِ الحمراء البعيدة التي لا وطن لها
تسمع آهات وتر العشاق لينبسط الضياء وينطوي في دهشة الصور وأنامل الساهر تعدد في عشر لتمضي السماء في عشقها الأبدي بين اللحن والوتر كأَنامل مرَّت على أَوتار الفِكر الشريد ليسيلُ من فَمِه النَشيد والقصائد والآهات مذبوحة ًً في سَيلَ الدِماء في العراق الجريح
حينما تألق كاظم وغنى لبغداد الحب والسلام وليس الحرب والدمار من كثر الحديث عن بغداد وأنا وليلى الى زيديني عشقاً وغيرها من الأغنيات الرائعة طوال ثلاث ساعات
دون أستراحة، فكان الفردوس العراقي والحفل الساهري كانت نسمة عذبة دافئة هبت علينا في أرض هولندا الباردة هامت بها الفراشة المجنحة وعانقتها النسمة ُ المرنحه
والساهر غنى للعشاق ألحانهُ والعشتارات تتراقص على فستانها نسمة أنغامه البابلية.
وخلال الحفل تقدم وتر العشاق كاظم الساهر بتحيات تصوغ من شذاها جنة الرافدين بأسمه وأسم الفرقة الموسيقية وقال بتحيه لهُ أمام الجمهور مازلنا أنا والفرقة الموسيقية نعشق هذه الشخصية العراقية المحبوبة الممثل والنحات حمودي الحارثي الذي يعرفه العراقيون منذ أجيال فقد عرفهُ و أحبهُ الأجداد والآباء والأبناء والآن يعرفهُ الأحفاد بأعماله الفنية المتعددة،من خلال العديد من المسلسلات والمسرحيات التي شارك فيها ومن أبرز أدواره التمثيلية دور عبوسي في التمثيلية الكوميدية الهادفة (تحت موس الحلاق)، التي أدخلت البهجة والسرور في ملايين البيوت العراقية في ستينيات القرن الماضي الأسم الذي لم يغب عن ذاكرة العراقيين لاكثر من أربعة عقود ، وربما هو الأسم الأكثر رسوخا ، ولا يمكن أن يذكر الأسم الأ والتفتت الذاكرة الى وجه الممثل الذي أدى هذه الشخصية ، فهي تلتصق على الفور بالعيون ،
حتى أصبح صورة من صور الذاكرة العريقة ، كالأسماء الخالدة التي مازالت راسخة في عمق حياتنا.

حيث قال الممثل القدير حمودي الحارثي الفنان كاظم الساهر فخر العراق وعزه وفنان العراق الكبير أنا أفتخر بهذا المطرب الهائل الجميل ، كاظم الساهر هو العراق وبغداد هو نبض العراق الدائم ، ومن الصعب التفكير بالعراق من دون أن تفكر بكاظم الساهر أصبح هو بصمة العراق

وقد حضرت المطربة المتألقة بيدر البصري ذات الصوت الدافئ العذب الرخيم ملثوماً بعطِر الفرات تكحُلُ عينيها حُبيْبات الرمل السمراءْ في الترنيم الدافئ أطربتنا بين ضفاف الصخب الجامع للقلبين وبين لهيب العمر
وقد حضروا الحفل الساهري كل من الفنانة شوقية العطار والفنان حميد البصري أستاذ في الموسيقى العربية ، الفن وحده يبقيهما هكذا عاشقين يتطارحان الحزن العتيق المتجددة على أنغام تشبه العراق، الملحن والعازف على العود والقانون الفنان حميد البصري وزوجته شوقية ذات الصوت الصادح المعبر عن العذوبة ، الفن وحده يبقيهما فراشتان في الحب والفن والموسيقى .
وتر العشاق كاظم الساهر صوته نغماً أنساب في أعماقنا فأستفاقت جذوة من حزننا الخامد من أشواقنا فهز وجدانهم على المسرح يغنّي الساهر ورأيت عيون النّاس تلمع انتشاءً.
رأينا الموجَ في رقص ٍ وعــزفٍ الليالي وأفـتـنـانِ ورأيـتُ الليـلَ طـفـلاً من سنا النـور سقانـا و صـدى أمـسية ًً جميـلة اِسقِاها ألحان بابِلِيَّةً تُحاكي شُعاعَ الشَمس فَقَد نَطَقَ الدُرّاجُ بَعدَ سُكوتِهِ وَوافى كتابُ الوَردِ إِنِّـهُ مُقبِلُ من أسطورة بابلية ، ألتقط الساهر المحار الهامس في عشقنا ولملم اللؤلؤ من دمعاتنا والياقوت المغمور من أشواقنا بألوان قزح، مزامير تعزف تراتيلها الشعرية في محراب الحزن وشد على عيدانها أطيارهُ، فأسمعنا غناء يذكّرنا بالليالي المقمرات وبالنخيل صوت بلبل العراق يغرد طرباً.
ومزامير الساهر البابلية أنسجت لنا بأسطورة من المعاني تغمرنا بصور من البعد الآخر تحيل تلك الخيوط الساحرة كسلافة كرستال رسمت بريشة مثل أنشودة صفاء غُزلت بخيوط الحلم والشمس الهائمة بين الآهات وشجن الوتر وبصوته الذي يراقص النخيل شموخاً، ويحاكي لوعة تموز وحسرة جلجامش ونواح دموزي هكذا يبدأ الصوت عندما نصغي لهُ، آسراً وكأنه باقة ورد تُنثر على مسامعنا وأروحنا، ليحلق بنا في عوالم زخرفها صوته ، يحمل فيه تجليات وصلوات وترانيم يعزفها القلب لينشدها وتنشده، فينساب همس رخيم
في مزامير الساهرالبابلية .
وفي ليلة بابلية عزفت مزامير الساهر نـــازفـــة ً فـــي الـــظـــلام ليــصـبـــح الـــدمـــعَ فـــي الــفــرات لــحــنــاً ويــجـعَـــلُ الــشعــرَ فــي بــغــداد نــايــا يـمــحــو فــي صــمتــه شــرائــع ســومــر وبــيــن قـــدمـي عــشــتــار تــتــراقــص الأنــغــام الـساهرية ، والــصــور تــتــحدث فــي ثــرى
الــمـعــتـقـاتِ أشــارت إلــى وتـر العشاق يــلــمــلــم أوراقــهُ
بــبــوح الــعــبــيــر لـيـبــث الــساهـر خـزائـنـه فــي فــؤادنـا لــيــســجــد كــل عــشــاق الــســمــاء بــاكــيــن بـالـشــجــن الــســومــري
فــتــدور الــكــواكــب
ويــلــتــف خــيــط الجــنــون
غــرامــاً مــتــراقــصــاً بــلــيــلــةٌ شــهــرزاديّــةُ
بــكــل الــعــنــاقــيــد
يــعــزف مــرحُ الــســاهــريــن
حــيــن تــبــارك دجــلــة
حــبــاتــهُ اللــؤلــؤيــة
لــيــعــزف وتــر الـعـشـاق الــحــزيــن
مــن أمــســتــردام الــى بـــغـــــداد
لــيــلــمــلــم فــي مــشــيــتــهُ جــراح وطــن يــنــزف بــالأســى
لا يــنــام الـســاهــر الأ وتــحــت راســهُ كــفــن أوجــاعــنــا
والــفــرات يــنــهــض كــل لــيــل مــن الــكــفــن
يـــقــص شــراشــف أحــلامــنــا وهــزيــمــة رؤانــا
ليــعــزف وتـــر الـعــشــاق كـــاظــم الــســاهــر فـي مـزامـيـرهُ الـبـابـلـيـة شــجــن النــجــوم
فــيــغــرن اللــيــالــي الــمــقــمــرات مــنــهُ مــهــابــةً وأجــلالاً

مقالات متعلقة

Back to top button

Adblock Detected

Please disable ads blocker to access bisara7a.com