ملحم بركات….دخيلك شو عملت بقلبي

إذا أردنا أن نسرد أسماء كبار الملحنين اللبنانيين الذين مرّوا على الساحة الفنية تجد إسم ملحم بركات في طليعتهم. هذا الفنان الكبير الذي كان له أثر كبير في تلوين النغم اللبناني بلون خاص.
ملحم بركات الذي ولد في كفرشيما بلدة الفنون والمواهب التي أنجبت كبار الفنانين كفيلمون وهبي، عصام رجّي، ماجدة الرومي و ماري سليمان، كانت على موعد في العام 1944 مع ولادة نجم كبير حفر اسمه على جدرانها وأشجارها . فمنذ نعومة أظفاره كان يحب الغناء وكان واضعاً نصب عينيه أن يكون أحد الأسماء الكبيرة في عالم الموسيقى. وكان له ما أراد فهو سيّد ملحني هذا العصر وأكبرهم قيمة وقدراً وفناً.
هو الجسر الذي وصل فن العصر القديم بالحديث. أذنه هي سر ثقافته أنها مرهفة جداً وحادة جداً، لها قدرة عجيبة على تذوق الكلمة الحلوة ذات الإيقاع، ولها قدرة أعجب على اكتشاف النشاز إذا افتقرت الكلمة إلى الإيقاع والنغم. إن حيويته وتجوّده وتقدمه كل هذا ناتج عن أنه يعيش عصره وأنه على وعي بكل ما حوله سواء في لبنان أو في البلدان الأخرى. لقد وظّف الغنى الفني في معظم أعماله وحوى الصفة البارعة والذوق الجميل، وموسيقانا لو لم يكن أبو مجد قاد لواءها لما بلغت هذا الرقي الحضاري بين الموسيقى العربية.
تعامل مع كبار الفنانين وصاغ لهم أجمل الألحان وعلى رأسهم الكبيرة صباح، وليد توفيق، ماجدة الرومي، غسان صليبا، ربيع الخولي، ماري سليمان، كارول صقر وغيرهم الكثير الكثير… فجميل أن تسمع ألحان أبو مجد لكن الأجمل أن تسمعها بصوته الزمردي . فكل الألحان التي لحنها له ولغيره والتي نرددها ونتغنى بها هو الذي أضاء لها مشعل فكره وإحساسه الموسيقي الموهوب.
هو جواهرجي الموسيقى وقد استطاع أن يصوغ من أنغامها الحُلي والعقود ويقلّد بها عنق كل صاحب صوت جميل . هو رمز للفنان الصادق الذي يسعى لتطوير فنّه، وفضلاً عن ذلك هو الموسيقار الوحيد الذي يشجع الملحنين ويشد من أزرهم.
كل جمهور أبو مجد يعرف هذا الفنان المبدع الذي ملأ الدنيا بأجمل إنتاج موسيقي، تفانيه في أعماله بلغت أرقى درجات الإتقان، وألحانه مثل مرآة ضخمة كل إنسان يجد فيها نفسه وكل ملحن يجد فيها موسيقاه.
ملحم بركات كصوت هو أهم مطرب عربي ظهر من مئة عام، باستثناء الكبير وديع الصافي أطال الله بعمره، لقد اخترق أبو مجد بصوته جدار قلوبنا. فصوته الشرقي الأصيل العذب النابع من القلب يبعث النشوة في النفوس إنه يغني بإحساس لم أعهده بمطرب من قبل. وسبق لأستاذنا الكبير المرحوم جورج ابراهيم الخوري أن لقبه المطرب الأول بعد المطرب الأول وديع الصافي.
بلقائك أبو مجد، تكتشف إنساناً لا تقل عظمته كإنسان عن عظمته كفنان مبدع في العالم الموسيقي. هو ليس مطرباً وملحناً فحسب بل كانت له فلسفته في التغير، هو قيمة فنية مستمرة وأبدية . ملحم بركات في كل ما أعطى مثال يحتذى ومفخرة وموضع اعتزاز لأن ما أتحفنا به لا يقل أهمية عن الأعمال التي قدمها كبار الموسيقيين الذين تعزف ألحانهم في أشهر المحافل والمهرجانات الدولية.
عزيزي موسيقار لبنان الكبير، اسمح لي أن أنحني إجلالاً واحتراماً وتقديراً لك، للموسيقار الكبير الذي لا يفرق بين أغنية لحنها للصبوحة أو للماجدة بل يريد أن يثبت وجوده وهذا هو الايمان بالفن الذي يحترق في هواه.
لعلني في هذه المقالة أوفيت بعض حق مطربنا وموسيقارنا العظيم على محبيه وما أكثرهم من المحيط إلى الخليج. وختاماً إن كنت قصرت في بعض النواحي التي تناولتها عن موسيقار لبنان الكبير فعذري أنني حاولت جهدي ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها. والله سبحانه وتعالى هو الموفق والمعين.

يحيى الشعار

مقالات متعلقة

Back to top button

Adblock Detected

Please disable ads blocker to access bisara7a.com