نقد بالصوَّر- ألبوم “معرفش ليه” رقصة إغريقيّة كاملة مع أجمل الألحان والكلام… ونوال الزغبي لم تقلد بيونسيه أو إليسا في غلاف ألبومها الجديد

وأخيراْ بعد طول انتظار، صدر جديد النجمة نوال الزغبي تحت عنوان “معرفش ليه” الذي تأجّل حتى إشعار قاهر، ويبدو أن نوال الزغبي عندما قالت عبر تصريحات سريعة أنها تجهّز لجديد فوق جديدها كانت تعني ما تقوله، فالعمل أقلق ليل معجبيها حتى تشتّت إعجابهم بكل الأغاني الجديدة مع خيوط الصباح الأولى، ولهم في ذلك وجهة نظر يحسدون ويعذرون عليها معاْ .

نوال الزغبي نجمة عرفت طعم النجوميّة المطلقة منذ حوالي العشرون سنة حتى اليوم، إستطاعت بذكائها وصوتها وجمالها وإختياراتها الدقيقة أن ترسم هويّة فنيّة لها لا تستطيع أي فنانة أخرى أن تأخذ مكانها، قلّدتها الكثيرات منهم من نجحن ومنهم من لم يستطيعوا تقديم أكثر من أغنية أو إثنيتين، إنها نجمة الملايين من المعجبين والجمهور الذي ينتظر جديدها الغنائيّ، كما ينتظر إطلالاتها وستايلها وأناقتها لأنها رائدة في الموضة منذ بداياتها، وهي من إستطاعت التغلّب على مشاكلها الشخصيّة والفنيّة لتبقى نجمة صف أوّل بإمتياز طيلة هذه السنوات، لتعود مع إصدار كلّ ألبوم وكلّ أغنية إلى الصدارة التي ورغم إختيارها أن تغيب قليلًا عن الساحة الفنيّة تبقى “حديث البلاد”.

كثيرون من راهنوا هذه المرّة على إنتهاء “زمن نوال الزغبي”، وكثيرون تساءلوا “أين هي نوال الزغبي”، منهم من شمتوا، ومنهم من كتب عنها مقالات مليئة بالإهانات لأنها إعتذرت عن إجراء المقابلات حتى إصدار ألبومها الجديد، ومنهم من إعتبر أن نوال الزغبي لم تعد “كلمتها إتنين” في شركات الإنتاج بعد أن تكهّنوا وصدّقوا تكهّناتهم أن نوال وميلودي على مشاكل.

ويطول الكلام، وصدر ألبوم “معرفشِ ليه”، وللوهلة الأولى صدمنا من توقيت إصداره في ظلّ المشاكل السياسيّة التي تشهدها بعض الدول العربيّة وخصوصًا مصر لأن نوال تبيع كثيرًا هناك وتعتبر من أهم الفنانات في مصر، إلّا أنّ النجاح الكاسح الذي يحققه الألبوم جعلنا أكثر نتأكد أن نوال الزغبي هي نجمة كبيرة في العالم العربي والوحيدة التي خاطرت بإصدار ألبومها هذه الفترة ونجحت وكسبت الرهان.

مبيعات الألبوم “سولد أوت”، وتحميله على الإنترنت بعد تسريبه في مواقع الموسيقى العربية تجاوز المليونين، وهذه الأرقام التي لم يشهدها أيّ ألبوم غنائيّ صدر منذ سنوات عربيًّا يكرّس نوال على عرش النجوميّة العربيّة لنقول لها “برافو” أصدرت عملًا متكاملًا من أغانيه إلى الغلاف وصولًا إلى الحملة الإعلانيّة الضخمة والمبيعات الذي يحققها هذا الألبوم والأصداء “الرائعة” عنه.

12 أغنية تسمعها دون أن تملّ، تأخذك معها إلى عالمٍ اخر وتدهشك في “شطارتها” بغناء كلّ الأنماط الموسيقيّة، وبصوتها الرائع تبكيك وترقصك.

ثلاث أغنيات في الألبوم كانت قد أصدرتهم في السنة الماضية “سينغل” ريثما تنتهي من ورشة الألبوم، وحققوا ثلاثتهم نجاحًا كبيرًا، وهم (منى عينه – فوق جروحي – أمانة) وإختيارها ضمّهم في الألبوم هو ذكاء منها لأن هذه الأغنيات يجب ان تضم إلى ألبوم لها (لأرشيفها)، ولأن ثلاثتهم نجحوا كثيرًا وبالتالي وجودهم في الألبوم سيدعمه أكثر.

معرفش ليه: رقصة إغريقية كاملة مع أجمل أزياء اللحن والكلام
أغنية العمل الرئيسية هي معرفش ليه، الأغنية التي لا مانع من وصفها بالأقوى توزيعاْ خلال السنوات الثلاثة الماضية، توزيع ربيعي مزهر، عشوائية ملفتة في إيقاعات البداية، لا يمكن أن تسمعها دون تجسيد رقصة يونانية قديمة، ولي حرية التصديق أن نوال الزغبي سجّلتها في حقل دافىء وليس في أستديو .
معرفشِ ليه: نمط موسيقيّ جديد أدخلته الزغبي إلى المكتبة الموسيقيّة العربيّة، من توزيع احمد ابراهيم الذي أبدع في هذه الأغنية كما الملحن رامي جمال والشاعر أمير طعيمة، إختارتها لتحمل عنوان الألبوم لثقتها ان هذه الأغنية “هيت” ستحقق نجاحًا غير عاديًّا ونتمنى أن تصوّرها كليب.

هقولك ايه
هقولك إيه هي الأغنية الثانية في الجديد الذي تحمله، والأولى إذا أردنا أن نسمّيها بتسونامي العمل، حملت توجهاْ تجارياْ وفنياْ، وفنياْ أكثر منه تجارياْ، وهذا من النادر أن نراه في الأغنية التي يتم التجهيز والعمل عليها كي تكون واجهة عودة الفنان للساحة، هقولك إيه قادرة دون تكلّف وإغصاب على التناغم مع أي مستمع منذ الإستماع الأول لها، صوت نوال فيها نقياْ جداْ، ربما لأنها الأغنية التي ستصور على طريقة فيديو كليب، لكنها فرضية خاطئة نوعاْ ما لأن الأغاني اللاحقة تميزت أيضاْ بخصوصية الصوت ودرجة ذوبانه في الأذن .
هقولك إيه ستكون هيت الألبوم والعام، أبدع فيها الموزع الموسيقيّ وليد عبد المسيح، وتدخل من خلالها نوال من الباب العريض إلى الهاوس ميوزيك هذه الموسيقى التي تجذب جيل الشباب، وأدّتها بأسلوبها الخاص مع بعض التطريب في كوبليه الأغنية ما يميّزها عن غيرها. الأغنية من كلمات هيثم شعبان وألحان تيامي النجار. وأكثر جملة في الأغنية رسخت في أذهان المستمعين “ربّي يخليك وما يحرمنيش”.

هنا القاهرة .. وهناك لبنان
هنا القاهرة هي أغنية الجمال الشعبي حتمًا، أغنية تصف بكل حب أمومة مصر للدول العربية ويومياتها التي احتلت عقوداْ من الزمن في قلوبنا، فوصف الكلام ليل النيل وزوارقه، وعلب الذرة المشوية، وقبل الأغنية بدأت السيدة أم كلثوم بالغناء بصوتها الآسر، ودخل الحبيب المصري بجواز مرور عربي إلى فكرة ومضمون الأغنية، تستحق هذه الأغنية التصوير، ويستحق لحنها الحماسي أن يَظهر مشهدياً على الفضائيات العربية.
هنا القاهرة والناس الطيّبة حوالينا .. كلمات جديدة ومميزة صاغها أمير طعيمة, ألحان خالد عز وتوزيع توما. تغني فيها المرأة والحبيبة التي تعشق كل زاوية عاشتها مع حبيبها في القاهرة، وهي إهداء لكلّ محبيها المصريّين، وهذه الأغنية تلاقي نجاحًا كبيرًا في إذاعة ميلودي أف.أم في لبنان وتبث بشكل مكثف، ومن المتوقع أن “تضرب” في مصر.

الف ومية
أغنية الرواج الأولى في لبنان ودول الشام، هي من أجمل الأغنيات التي سمعناها منذ سنوات أغنية ألف ومية التي تشكّل لوناْ غنائياْ هو الأنجح حالياْ والأكثر رواجًا، وقبل إعطاء الأغنية رأي الكاتب لا تصفوني بالمبالغ، فالصائغ هو فارس اسكندر والحائك هو سليم سلامة، ثنائي الأغاني الضاربة، موضوع الأغنية جديد كلياْ والتوزيع لبناني بحت للموزع عمر صباغ, موضوع جديد ولحن راقص ولبنانيّ تردّ فيه الزغبي على كلّ من يشكك من انها لا تغني اللبناني كثيرًا لأنها لا تنجح فيه، إلا أن الحقيقة هي ان نوال تكاد تكون الوحيدة التي يحب الجمهور المصري والخليجيّ وحتى في المغرب العربيّ أغانيها باللهجة اللبنانيّة لأنها تغني اللبناني بتنويع موسيقيّ وليست محصورة “بالهوّارة”. الف ومية على طريقة نوال، فأتى صوت الدبكة خافتاْ وظاهراْ بشكل مقصود وكأن نوال تريد جس النبض بهذا اللون الذي تغنّيه لأول مرة رغم اقترابه من أغنية “نص القلب” في روحها وأغنية أنا احلويت من أرشيفها من حيث نغمة الصوت .

بالدقيقة والثواني
أغنية رومانسيّة باللهجة المصريّة، من كلمات أمير طعيمة، ألحان رامي جمال وتوزيع أحمد إبراهيم، نمط موسيقيّ مختلف عن كلّ ما قدّمته في مسيرتها، وهو حديث ومخاطبة مباشرة منها للحبيب عن مدى حبّها له منذ أن أتى إليها وكلّ ثانية تعيشها معه وأنها لم تعش قبله الحب. أغنية عالية الجمال خارج حدود ألبوم نوال الزغبي، يخرج اللحن منها عميقاْ من القلب، لكن توزيعها مفعم بالقليل الكثير من الرتابة وكان يمكن له أن يكون ملفتاْ أكثر.

عندك
لا يبصر ألبوم إلا ويحمل أغنية من هذا النوع الذي إشتهرت به نوال وميّزها عن غيرها، وبالتالي أصبح لونًا غنائيًّا لنجمات على الساحة، في هذه الأغنية الشقيّة تخاطب حبيبها وتقول له “عندك وحاسب بكلامك ما أنا أحلامك في حدّ يجرح أحلامو وجنّتو تكون قدّامو ويسبها ويروح على نارو”. كلام أمير طعيمة، ألحان خالد عز وتوزيع توما. أغنية سلسة تدخل مباشرة إلى القلب وهي إستمرار ناجح لها في هذا النمط الغنائيّ التي إعتاد عليها وأحبّها جمهورها فيه. أغنية عندك الراقصة لم تتميز كثيراْ عن باقي أغنيات اللون الشعبي المصري، لكن لحنها يصبح جديداْ بعد كل دقيقة فيها وهذا صحّي وجميل لصالح الأغنية ككل.

يوم اللي مشي
أغنية خياليّة، كلامًا ولحنًا للفنان مروان خوري وتوزيعًا لهادي شرارة، اغنية حزينة، اليائسة كما يحب في بصمته الفنية مع نجوم الغناء، غنّتها نوال بأعلى إحساس ولمع صوتها جمالًا. وإنها أجمل أغانيها الكلاسيكيّة في مسيرتها لمحبّي الأغنيات الكلاسيكيّة الرومانسيّة, وتثبت فيها أنها مطربة كل الأنماط الغنائيّة. الأغنية راقية راقية حتى النخاع، ولن يحزن جمهور نوال إذا لم تلق هذه الأغنية النجاح الكاف، فهي تكفي للأرشفة كأغنية صالونات خمرية العناصر والرائحة والنكهة .

سمعني صوتك
هي وبرأيي الشخصيّ أجمل أغنية كلاسيكيّة خليجيّة، أبدعت نوال بغنائها وبلكنتها الخليجيّة وتستحق أن تصوّر كليب، ومعه حق موزع الأغنية هادي شرارة حين قال أنها “ماستر بيس”، وهي من كلمات وألحان راكان وهو أحد معجبي (فانز) الزغبي في الخليج وأسمعها الأغنية منذ أكثر من سنة حين كانت في الكويت تحيي حفل زفاف، وأعجبتها الأغنية فسجلتها، وبالتالي أعطت فرصة لشاب موهوب كتب ولحّن الأغنية خصيصًا لنجمته، وهذا الأمر يُحسب لنوال بتعاطيها مع معجبيها والمواهب الشابة.

يا رايح
عودة لنوال إلى ستايل أغنيتها “الدلعونا”، غنّتها بإحساس فظيع، وتعود بك إلى زمن الكلام الجميل والحنان والشوق واللهفة إلى الحبيب الغائب. من كلام وألحان الفنان مروان خوري وتوزيع هادي شرارة، وتحقق هذه الأغنية طلبًا كبيرًا وتحتل المراتب الأولى عبر صوت الغد في الأردن وسوريا. وكلّ من يسمع الأغنية يقول “نوال تعود إلى نجاحات الدلعونا”.

أما غلاف الألبوم … للتوضيح، نوال الزغبي لم تقلد بيونسيه أو إليسا في غلاف ألبومها الجديد
منذ حواليّ الأسبوعين، أي منذ توقيت إصدار الحملة الإعلانيّة التمهيدية لألبوم النجمة المتألقة نوال الزغبي “معرفشِ ليه”، حتى بدأ المغرضون واللذين بهرتهم أغنيات الألبوم وأسكتتهم بعد أن شمتوا وكتبوا عن نهاية “زمن نوال الزغبي” منذ أشهر بسبب تأجيل طرح الألبوم من فترة إلى أخرى، ها هم يبحثون عن أيّ شيء حتى يكتبوا عن الألبوم، وبدل أن يشيدوا بالأغنيات المميّزة التي قدمتها نوال والأنماط الموسيقيّة الجديدة التي غنّتها ويبدون رأيهم عن العمل، توجّه نظرهم إلى غلاف الألبوم والصور المخصصة له والتي أخذتها الزغبي أثناء تصوير كليب أغنية “منى عينه” كما ذكرنا سابقًا تحت إشراف الراحل المخرج يحيا سعادة، هذه الصور التي تتميّز بالبساطة والكلاس والتي تلاقي إستحسانًا كبيرًا من الجمهور اللذين بهرتهم صورة الغلاف في الإعلانات على الطرقات والمجلات، ويشبّهونها ويتهمونها بتقليد النجمتين بيونسيه وإليسا.

ما أدهشني بالحقيقة وجعلني أكتب هذه الأسطر ليس التقليد (لأنه غير صحيح والكلّ يعي ذلك) إنّما هذا الإصرار على مهاجمة نوال الزغبي أو محاربة عملها، وفي كِلا الحالتين نجوميّتها تفرض أن يكتبوا عنها “مقالات” شبه يوميّة عن أخبارها لمعرفتهم انها تمتلك أكبر شريحة من المعجبين الفعالين عربيّا ومن القراء اللذين يحرصون على متابعة أخبارها. وبالعودة إلى “التقليد” وللتوضيح لغير متابعي مسيرة ولوكات نوال، أنشر صورًا لنوال منذ ال2001 من كليب أغنية “حاسب نفسك” وصولًا إلى صورٍ من ألبومها “خلاص سامحت” والذي صدر عام 2008 وهي تنظر إلى الأعلى، فمن يا تُرى يقلّد من؟

أمّا عن صور المغنية العالميّة بيونسيه، فهل تسريحة الشعر محصورة عليها؟ لمَ لا نضيئ على مبديعين لبنانيّين أمثال مصفف الشعر طوني المندلق والتي تعتبر نوال الزغبي “الإيماج” له، وهو الذي إشتهر معها بالتجدّد في اللوكات وصرعات الموضة التي تقدّمها منذ بداياتها وأصبحت رائدة في عالمنا العربيّ وينتظرها الملايين لمشاهدة لوكها الجديد وشياكتها.

تسميت الألبوم “معرفشِ ليه” ليس من باب الصدفة وإختيار هذه الأغنية لتحمل عنوان الألبوم رغم أنها أجمل أغنية فيه، وكأن نوال تتساءل “معرفشِ ليه” كلّ هالهجوم من البعض؟ وإنّ كان يدلّ على شيء فهو على نجوميّتها الكبيرة, نجاح كاسح للألبوم وكسب الرهان رغم أن كلّ الفنانين علّقوا إصدراتهم الفنيّة بسبب الأوضاع السياسيّة في مصر والمنطقة، إلا أنّ خاطرت وتحدّت، فنجحت، كسبت الرهان محققتًا أرقامًا قياسيّة في المبيعات وتحميل الألبوم خلال أسبوعين، وتكود تكون الوحيدة التي يجمع الكلّ على أن ألبومها الجديد هو ألبوم هذا العام بإمتياز.

يُذكر أن الألبوم سيصدر في مصر فور إنتهاء الأزمة السياسيّة الحاليّة مع حملة إعلانيّة ضخمة حضرتها شركة ميلودي للشارع المصري.

إلى كلّ من لم يستمع حتى اللحظة إلى ألبوم “معرفش ليه” من إنتاج شركة ميلودي، نصيحة لشرائه بنسخته الأصليّة وأن لا يفوّت أحد هذه الأغاني الرائعة التي ضمّتها في ألبوم واحد أسكتت فيه كلّ الحاسدين واللذين شككوا في نجوميّتها، ليكون ردّها ببساطة “عندك وحاسب بكلامك”، في جميع الأحوال، عمل نوال الزغبي الجديد هو زغبي، يجمع الذكاء والجمال والعودة بعد غياب، ولكن، يبقى أن ننتظر إن كان سيتوّج العمل بالنجاح الجماهيري أم ستخذله الظروف، ومبروك للنجمة الذهبية نوال الزغبي من أسرة “بصراحة” هذا الألبوم المميّز.

كرم صعيدي وماريو مرقص