رأي خاص- ان اختارت الامم المتّحدة أنجلينا جولي لمنحها لقب سفيرة النوايا الحسنة، فليتها تخبرنا على اي أساس تختار سفاراءها من الفنانين العرب؟

يدهشني كثيراً ما أقرأه كل يوم من تصريحات الفنانين والفنانات العرب وكأنهم تأثروا بكل هذا الاضطراب في الشارع العربي اليوم وباتت الأمور عندهم مختلطة وملتبسة جداً.

ولا أعرف كيف أصف ما أراه و لكنني أعرف تماماً أنه خاطئ وبكل المقاييس، ولكن لا حياة لمن تنادي، فأنا أراهم لا يتعلمون من تجارب بعضهم البعض ولا يحاولون التواصل مع الشارع وعقلية الناس لكي يفهموا المطلوب والقيام به بدلاً من هدر الوقت والجهد فيما لا يقدم ولا يؤخر.

فمنذ أن بدأت الثورات العربية والفنانون يتخبّطون في تصاريحهم ويتدخلون كثيراً فيما لا يعنيهم، ولست أعني الجميع طبعاً لأن هناك الكثير من الفنانين ممن قادهم ذكاءهم إلى المراقبة من بعيد والتحرك بصمت ومحاولة التأثير إيجاباً دون الخوض في “القيل والقال” ودون ترك أي هفوة لمن ينتظر ذلك ولكن دون أي جدوى..

فالكثير من الفنانين والفنانات قادتهم ثقتهم بالنفس وضعف التواصل بينهم وبين الجمهور إلى التصرف بطريقة غير لائقة أوقعتهم في مطبّات كثيرة، بدلاً من أن يتصرفوا بالشكل المناسب والمفترض ويصنعوا من الوقت فاصلاً حقيقياً يؤثر إيجاباً على الوضع الذي يمر به العالم العربي، حيث فضل معظمهم الانشغال بالكلام على الانشغال بالإنجازات المؤثرة في الوضع الذي يمر به العالم العربي وأثبتوا لنا كم أن مقولة (إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب) صحيحة مليون بالمائة، لأنهم لم يحققوا لنا أي فائدة تُذكر بكل كلامهم الذي سمعناه منهم منذ تفاقم الأوضاع السياسية في الشرق الأوسط.

بالأمس تأثرت كثيراً و أنا أقرأ عن زيارة الفنانة أنجيلينا جولي – سفيرة النوايا الحسنة للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين بشكلٍ مفاجئ- لمخيمَ اللاجئين على الحدود التونسية الليبية الذي يضم النازحين الليبيين الهاربين من بطش كتائب العقيد معمر القذافي.. تأثرت لأنني أعلم جيداً أنه لا يوجد ولا فنان عربي قام بزيارة مماثلة، بالرغم من أن هناك عدد كبير منهم ممن يحملون ألقاباً مهمة كسفراء للنوايا الحسنة أو منظمات حقوق الإنسان أو أو أو ..

وأنا على يقين بأن أنجيلينا جولي لم تكن لتنتظر هذا المنصب الإنساني الذي تشغله لتزور المخيم فهي فنانة و إنسانة بالدرجة الأولى لطالما كانت سباقة لعمل الخير بالرغم من كل ما يشوب حياتها من أخطاء و ما يحيطها من ملذات وسلطة وأموال..

ولكننا في العالم العربي بالكاد نؤجّل عملاً فنياً أو ألبوماً أو جولة فنية أو حفلة أو مهرجان تعاطفاً مع الأوضاع المؤسفة في الوطن العربي، متجاهلين أننا بزيارة لاحدى المخيمات او الميادين ، سنشكل فارقاً كبيراً وسنلفت الأنظار ونوحّد الجهود والجمهور لصنع الإختلاف وخلق التعاون وإنجاز الكثير من الخير..

ويدهشني كيف تمنح الامم المتّحدة الألقاب لمن لا يستحقّها، فلا يكفي ان يكون الفنان او الفنانة واسعي الشهرة وفاحشي الثراء ، ووجوهاً اعلانية لعدد من الماركات العالمية، ولا يكفي ان يكون في رصيدهم البومات “مكسّرة الارض” فهذا كله ليس كافياً لمنح أي فنان أي لقب انساني ان لم يكن في رصيده أعمالاً خيريّة وانسانية بارزة، ان لم يكن هذا الفنان قد برهن انه يستحق تكريم الامم المتّحدة على كل نقطة “عرق” وظّفها في خدمة الانسانية وعلى كل تعب وسهر وتضحية من أجل مساندة الانسان الضعيف و المضطهد او المعنّف وعلى كل فلس يقدّمه من ماله الخاص من أجل تأمين غد أفضل ، مشرق وآمن لكل محتاج….

أين هم فناني الوطن العربي من كل هذا ؟؟

أنجيلينا جولي ناشدت المجتمعَ الدولي والحكومات لمزيدٍ من دعم المجهود التونسي في رأس الجدير، داعيةً لإقامة ممر إنساني لمساعدة القادمين من ليبيا على دخول الأراضي التونسية دون خسائر في الأرواح والتي تسببها كتائب القذافي.. كما أنها تبرعت عبر مؤسستها الإنسانية التي تحمل إسمها و إسم شريك حياتها الفنان براد بيت (جولي بيت) بتغطية كلفة 177 شخصا سيعودون إلى بلدانهم بهدف البدء في عمليات إجلاء اللاجئين، كما ساهما في شراء سيارات إسعاف تسهل أكثر عمل الهياكل الطبية التونسية الموجودة في مخيم الشوشة.

ونحن نقول اليوم لمشاهير الوطن العربي خاصة اولئك المرشحين للحصول على منصب “سفير للأمم المتحّدة للنوايا الحسنة”، لن تفيدنا حفلاتكم ومهرجاناتكم و أعمالكم الفنية التي أجلتموها.. ولن نكترث بألبوماتكم و أفلامكم التي توقفتم عن إكمالها تعاطفاً معنا.. بل سيفيدنا كثيراً إن تعلمتم شيئاً من امرأة يدهشني أن تكون هي مثالكم الأفضل، لتعرفوا وتتعلّموا كيف يكون صنع التغيير، وماهو الدور الحقيقي والفاعل والمؤثّر للفنان وسط كل هذه الفوضى والأوضاع البائسة..

مقالات متعلقة

Back to top button

Adblock Detected

Please disable ads blocker to access bisara7a.com