رأي: تحوّل الممثلين والفنانين الى تقديم البرامج تعدٍّ فاضح بين الابداع والفشل

هي “موضة” قديمة جديدة، انتشرت منذ سنوات وعادت لتلقى مؤخراً رواجا رغم فشل هذه الموضة في أغلب الاحيان.
هذه “الصرعة” تتمثل في تعدّي بعص الممثلين والممثلات على مهنة الآخرين ومحاولة اقناعنا بأنهم قادرون على القيام بكل شيء تحت خانة الفنان المتكامل، القادر على ارتداء اكثر من عباءة، بينما يتناسون غالبا انّ بعض العباءات تكون فضفاضة وقد تسقط من عليهم لتعرّي وجودهم وتنسف نجاحاتهم وتسقط أسهمهم.

وهنا نقصد قيام بعض الممثلين والممثلات بقبول عروض تقديم البرامج، فنفاجأ بهم على الشاشة الصغيرة كـ “اعلاميّين” و محاورين يمسكون دفّة الحوار في برنامج قائم بأمّه وأبيه!
بعض التجارب نجحت بينما أكثرها فشلت ولم تحقق ايّ اضافة للممثل و بعضها الآخر سقطت واسقطت معها اصحابها.

فكما نذكر قام الكبير الدكتور”دريد لحام” بتقديم اكثر من برنامج تلفزيوني، اغلبها طريفة وبسيطة في الفكرة والمضمون ولكنها لم تضف الكثير الى ارشيف لحّام كذلك لم تضف الى مسيرته المهنية بل كانت مجرد تجارب خفيفة و ممتعة .

بينما قام الممثل السوري “ايمن زيدان” بتقديم برنامج “وزنك ذهب” ومني بفشل ذريع ولم تضف اليه التجربة ايّ نجاح يذكر!

والى مصر، حيث تصرّ المخرجة “ايناس الدغيدي” على تقديم البرامج فأتحفتنا هذا العام ببرنامج “الجريئة والمشاغبون”، وبدت فيه تصطنع التقديم وتحاول اضفاء الاثارة وشدّ المشاهد عنوة بينما لا يليق بها هذا الكرسيّ ولا تصلح الا لتكون مخرجة جريئة ذات افكار متجددة مبدعة و قويّة!

امّا الممثل المصري المحبوب “مصطفى شعبان” فيقدّم حاليا على تلفزيون “ابوظبي” برنامج “قاضي الغرام” والبرنامج بسيط وجميل يعرض قصصا زوجية حقيقية من مختلف الدول العربية ويستضيف ثلاث نجوم عرب في كل حلقة كمستشارين ، فيقومون بمناقشة القضية المشكلة ويعلنون وقوفهم الى جانب احد الطرفين ومن ثم يتم ابلاغ الزوجين وحثهما على التعالي على المشكلات الصغيرة والحفاظ على الرباط المقدّس. باختصار مصطفى شعبان نجج في هذه التجربة ولكنها بالتأكيد ستبقى مجرد تجربة فقط لا غير!
كذلك الممثل المصري المحبوب “اشرف عبد الباقي” الذي قام بخوض غمار التقديم في برنامج بعنوان ” دارك”وحقق نجاحا لا بأس به اعاده الى الشاشة من جديد ولكن لم ينتصر له ذاك الانتصار!

امّا المفاجأة التي دفعتني الى كتابة هذا المقال، فكانت خوض الممثلة “يسرا” تجربة التقديم في برنامج حواري مع النجوم وكبار الصحافيين تحت عنوان “العربي مع يسرا”، الموضوع استفزّني بكل صراحة لأنني اجزم انّ البرنامج لن يجعل من يسرا اعلامية محنّكة ولن يضيف اليها ابدا، كما وأجزم انّها اقبلت عليه في محاولة منها للبقاء على السّاحة التلفزيونية خاصة وانّ اعمالها الرمضانية في السنوات الأخيرة لم تحقق لها ايّ نجاح يذكر!

الى لبنان, حيث تكثر الاسماء التي خاضت هذه التجربة،منهم من فشل ومنهم من نجح وأبدع.
والبداية مع الممثلة القديرة “هيام ابو شديد” التي قدمت مؤخرا برنامج “وانا كمان” وهذه ليست تجربتها الاولى في التقديم فقد سبق وقدّمت برامج كثيرة على شاشة mtv مع العلم ان بدايتها في التقديم كانت في برنامج “ستوديو الفن” مع المخرج سيمون أسمر في العام 1996 على شاشة lbc، فبدت محنّكة ونجحت فيه وأسست لنفسها مكانا بين مقدمات البرامج، مكاناً لا ينافسها عليه أحد لأنها مقدمة برنامج استثنائية تميزت برامجها بالرقي والسلاسة و”السهل الممتنع” بعيداً عن المبالغة والتصنّع !

ايضا الممثل المحبوب “كارلوس عازار” الذي قدّم في السابق البرنامج الصباحي “يوم جديد” ويقدم حاليا “سيناريست” على شاشة OTV اللبنانية محققا نجاحا جيدا ويعتبر هذا البرنامج تجربة خفيفة وطريفة تليق بكارلوس بالرغم من كل الامكانات الانتاجية المتواضعة ونتمنى ان نتعرّف على كارلوس أكثر في برامج “حوارية” من العيار الثقيل فنكتشف أكثر عمق ثقافته وأهميتها!

كما ونذكر اقدام الممثل الموهوب الاكثر من ناجح ” يوسف الخال” على تقديم برنامج “هزي يا نواعم” على اللبنانية للارسال تحت ادارة المخرج “سيمون اسمر”، كما وقدم برنامج العاب على OTV وبرنامج “نشرة الأخبار” على “روتانا”، وجميعها كانت تجارب “مهضومة” وناجحة الا انها لم تثري كثيراً مشوار يوسف بل لوّنت فيه!

امّا ابرز التجارب التقديمية الناجحة للاعوام الخالية فكانت للفنانة اليمنية “اروى” التي نجحت في تقديم برنامج “آخر من يعلم” على ال “ام بي سي” واستطاعت ان تحقق نسبة مشاهدة عالية وتعد تجربتها ناجحة جدا بل وأنجح من الغناء اذ انّ التقديم ساهم في نشر اسمها سريعا وفي تحقيق الشهرة لها ولاسمها، بينما كانت تحاول ايجادها غناءا منذ سنوات ولم تفلح!
ولعّل محطة OTV هي الاكثر استقطاباً لمقدمي البرامج من خلفية تمثيلية نذكر منهم الممثل طارق سويد الذي يقدّم برنامج “لألأة” وهو برنامج حواري طريف وخفيف حيث نجح في خوض التجربة الا انه بحاجة لبرنامج آخر بإطار مختلف ومضمون مختلف ليثّبت نفسه وخطواته على الساحة التقديمية .
كذلك الممثل وسام صبّاغ الذي دخل عالم التقديم من بابه الواسع والذي بمهارته و”شطارته” وتفوّقه على نفسه يشرّع هذه الابواب أكثر يوماً بعد يوم وقد أثبت خلال شهر رمضان الماضي في برنامج “أحلى جمعة” وحالياً في برنامج “خدني معك” انه يليق بالبرامج الكوميدية الخفيفة فهو كوميدي بامتياز وأي نوع آخر من البرامج قد يتسبّب بانهاء مسيرته التقديمية التي يبدع فيها حتى الآن.

تكثر الاسماء كذلك التجارب ، ولكن ان دقّقنا جيدا في التجارب الناجحة نجد انّها برامج تسلية والعاب ام برامج منوعات خفيفة الظلّ تقوم على البساطة ولا تتطلّب بأغلبها قدرات ومهارات تقديميّة ، فالاعلام وتقديم البرامج فنّ وموهبة لا يملكها ايا كان وكل من حاول ان يتعدّى على مهنة التقديم وخاض تجربة تقديم البرامج الحوارية الدسمة التي تقوم على حصد السكوبات والتصريحات بدهاء وحنكة، فشل وسقط سقوطا مدويّا معرضا اسمه ومسيرته الفنّية للخطر…!

نرجو ممّن لا يتمتع بهذه الموهبة ان يحافظ على صورته كممثل ناجح وقادر على اداء اصعب الادوار او على صورته كمخرج متميّز يغرّد خارج السرب او على صورته كمغنّ محبوب ولديه جمهوره وان يبتعد عن قبول العروض المغرية لمجرد المكاسب المادية التي قد تؤذي صورة عمل جاهدا ليحافظ عليها وليرسّخها في أذهان معجبيه ولو ان بعض هذه التجارب نجحت الا ان مهنة التقديم بالتحديد لها أربابها وان كنا نعارض تحوّل ممثلين ومخرجين وفنانين الى تقديم البرامج فهذا يعني طبعاً اننا نعارض وبالخط العريض دخول عارضات الازياء والفتيات المثيرات الى هذا المجال حيث باتت معظم شاشاتنا العربية تراهن عليهن بل تعتمد عليهن لاستقطاب اكبر عدد من المشاهدين فالعهر والتعري على الشاشة يجذبان ملايين المشاهدين ويأتي مضمون ما يقدمنه في المرتبة الثانية فحدّث ولا حرج عما آل اليه مستوى هذه البرامج وهذه المحطات وهذا الوطن وويل لأمّة يُثقّف ابناؤها عن طريق هذا النوع من البرامج ، فنرجو القليل من الوعي في هذه المحطات المسؤولة عن تهذيب الرأي العام والارتقاء باخلاق وذوق المشاهد العربي …والاّ فعلى الاخلاق والثقافة السلام!!

وننهي بقول لبناني شعبي مشهور “اعطي خبزك للخباز لو أكل نصّو… ” !

مقالات متعلقة

Back to top button

Adblock Detected

Please disable ads blocker to access bisara7a.com