رأي- برافو أمل حجازي وفادي حداد… قصّة وطن ورجولة ضائعة في فيلم حطّم مفهوم الكليب العربيّ المملّ

ضمن الاصدارات الجديدة، التي صدرت مؤخرا في الأسواق العربيّة، تبرز أغنية النجمة اللبنانيّة “أمل حجازي” الأكثر من الناجحة، والتي تعتبر “هيت” آخر السّنة “ويلك من الله”. أمل التي غابت حوالي العامين، بسبب ارتباطها وحملها، عادت بالبوم جديد، من المؤكّد أنّه نقلة نوعيّة في مسيرتها الفنيّة، لأنّه استطاع أن يعيدها الى السّاحة الغنائيّة بسرعة قياسيّة، ولأنّ الكليب الذي صوّرته لأغنية “ويلك من الله”، علامة فارقة في عالم الكليبات، سيطول الكلام عنه بعد قليل.

ولكن أوّلا، نود أن نهنّئ امل التي لم تبتلعها أضواء الشهرة، ولم تسلبها احساس الزوجة واحساس الأمومة، فرمت زيف الشهرة جانبا وتفرّغت لبناء عائلة جميلة، لأنّها تعلم أنّ النجاح لا يدوم، وأنّ الشهرة ستزول، وأنّ العائلة أهمّ ما يمكن للانسان أن ينجز في حياته.

ثانيا، أمل الذكيّة جداً، لم تعد الى السّاحة بأغنية أو بألبوم عاديّ، بل عادت بأغنية جميلة جداً، لفتت الأنظار نحوها بسرعة البرق، لتصبح حديث النّاس، مستخدمة كلمات جديدة جداً، ومثيرة للاهتمام كـ “ويلك من الله” و “كنت مفكّرتك رجّال”، وتعاملت فيها مع الشاعر “مارسيل مدوّر” والملحن “اوميت سابان” اللذان أهدياها مفتاح العودة القويّة.

أمّا الأهم، موضوع المقال، فهو الكليب الموقّع باسم المخرج، الذي أبدع وتفوّ على نفسه في هذا الكليب، “فادي حداد”، اذ أنّها ناقشت مع فادي، قضيّة العمالة وخيانة الوطن، مستغلّة كثرة الكشف عن عملاء لبنانيّين، مؤخرا، لصالح الموساد الاسرائيلي، من قبل الأمن اللبناني، وكم هم أذكياء!

يروي الكليب قصّة اكتشاف امرأة، صدفة، ارتهان زوجها لجهة خارجيّة، وهي اسرائيل، ومحاولته الهرب طالبا مساعدة من تعامل معهم ضدّ الوطن، ومساهمة هذه المرأة في الابلاغ عن زوجها العميل. كما ويسلّط الضوء بدهاء كبير، على كيفيّة ايصال المعلومات من خلال الانترنت، و اللقاءات السريّة، والعلنيّة في حفلات خاصّة، وأماكن عامّة، حيث يلجأ العميل الى ايهام زوجته بالتقاط الصور لها، بينما يقصد تصوير عواميد الارسال و البثّ وغيرها.

وهناك أكثر من نقطة، علينا التوقّف عندها، والتصفيق عالياً لأمل وفادي عليها. أولا، أظهر فادي فكراً عميقاً، في مشهد صغير جداً في حجمه وبليغ جداً في معانيه، حيث يرتعب العميل، أثناء هروبه من منزله، من قطّة صغيرة مختبئة الى جانب الباب، هذا المشهد يبدو عاديّا، بينما هو تصوير مبسّط ورائع، لجبن العملاء وعيشهم في هاجس القاء القبض عليهم، وتخبّطهم بين تأنيب الضمير و حبّ المال والسلطة!

أمّا النقطة الثانية، فهي تعابير أمل حجازي التي ركّز عليها فادي كثيراً، والتي اظهرت في أمل حسّا تمثيليّا عالي المستوى. برافو أمل لأنّك أجدت أن تنقلي لنا احساس امرأة غاضبة، ثائرة على زوج يخون الوطن، وفي الوقت عينه، أظهرت رغبة في مواجهته وتحدّيه و تدميره، لأنّه دمّر فيك كل الآمال، وكلّ الأحلام!

أمّا النقطة الأخيرة، فهي نهاية الكليب- الفيلم، والتي يراد منها، افهام العميل، بأنّ نهايته لا يمكن الا أن تكون قتلا على أيدي الدولة الجهة التي جنّدته، وأنّه لن يربح شيئا، بل سيخسر نفسه، وعائلته، ووطنه وربّه، دنياه وآخرته!

شكرا أمل حجازي وفادي حداد، لأنّكم لم تصوّروا الكليب، على شكل قصّة دراميّة، فيها عشق وخيانة وانفصال و”روتين” قصصي مملّ، بل ارتقيتم بالأغنية، وضمنتم الكليب، رسالة اجتماعيّة وطنيّة بالغة الأهميّة، وأظهرتم أنّ خيانة الوطن أقسى وأصعب حتى من خيانة الزوج لزوجته، فالغدر في تراب الوطن، أبشع من الغدر في قصّة حبّ، وطعن الوطن في خاصرته، مؤلم أكثر من طعن الحبيب في ظهره. شكرا لأنّكم عرفتم كيف تستغلّون “ويلك من الله”، وكيف تحطّون من قيمة العملاء في ” كنت مفكّرتك رجال”.

أخيرا، مبارك لكم هذا النجاح، وما أجمل النّجاح المقرون برائحة وطن ومضمون هادف سيشهد لكما، ولو بعد حين!

مقالات متعلقة

Back to top button

Adblock Detected

Please disable ads blocker to access bisara7a.com