رأي- السلطة الرابعة في خطر… البرامج التلفزيونية بين الأمس واليوم، افلاس اعلامي ينتظر البديل

يشاهد الجميع البرامج التلفزيونية على كل القنوات اللبنانية، وبفعل المنافسة أصبحت كل البرامج تخرج عن أهدافها ومواضيعها. وأضحت كل البرامج تسعى الى السكوبات والى الفضائح والذم بالآخرين لجذب الجماهير.

ويُعتبر التلفزيون السلطة الإعلامية الأقوى من ناحية التأثير بالرأي العام لأنه يدخل كل منزل من دون إذن ولكننا نسعى عبر الوسيلة المكتوبة توجيه النقد البنّاء لأننا ننحدر الى مستوى لم نشهده من قبل. وأصبح العالم الفني كالسياسي سلبياً أكثر منه ايجابي، ونشهد غياب الكثير من كبار الفنانين بسبب هذه الأساليب وبسبب الإعلام المزيّف الذي ابتعد عن رسالته.

وانطلاقا من أهمية الصورة في الإعلام، اشير الى دراسات عدة اشارت الى ان 75 في المئة من قراء الصحف يلاحظون الصورة، واكثر من 50 في المئة يلاحظون العناوين الرئيسة، بينما لا تلفت المادة التحريرية انتباه 25 في المئة من القراء، مما يشير الى أن الانسان يعتمد على حاسة البصر اكثر من بقية الحواس، ويعتبره كثير من الباحثين الحاسة المسيطرة على الانسان، حيث يصدق الانسان ما يراه بعينه لا ما يسمع عنه.

فإذا استعدنا الأيام الغابرة ومررنا في زقاق البرامج المبدعة لرأينا الفرق الكبير بين الإعلام والبرامج في الأمس واليوم. ففي الأمس كنا نشاهد الحوارات التثقيفية حيث تستعرض الإيجابيات والسلبيات وطرق التطوير والتحسّن بالإضافة الى معرفة كل الأعمال الفنية وانتقادها نحو الأحسن وأخذها طابع الترفيه أكثر من تشويه، أما اليوم فنحن نتطرق الى الخصوصيات التافهة والتي نسرقها من الغرب ونحن الذين ننتقد المخرجين والممثلين على سرقة أفكار الغرب فبدأنا كإعلام نسرقها وننفذها.

اذا ذهبنا الى سنوات مضت نرى نجاح برنامج “اكتشفنا البارود”، البرنامج الأسبوعي الحواري- الترفيهي، الذي كان يستضيف في كل حلقة ضيف من مختلف البلدان العربية ومن مختلف المجلات الفنية، الاجتماعية، السياسية، الإعلامية، الرياضية، و الذي كان ينقسم إلى عدة فقرات مسلّيّة و كان الجوّ العام ظريف ويعتمد على عفوية المقدّم. وأيضاً كانت طريقة طرح المواضيع جديدة من نوعها حيث كنا نكتشف الوجه المرح عند الضيف مع التركيز أحيانا على بعض المواقف المؤثرة. أما برنامج سبعة على سبعة فكان يستضيف نجوم الأغنية ليقدموا آخر أعمالهم الناجحة في الأسواق حيث تجول مقدمة البرنامج بيرلا شلالا على المستجدات الفنية وأخبار الفنانين وبورصة الأغاني في العالم العربي وفي الغرب. واذا ما ذهنبنا أكثر نرجع الى “يا ليل يا عين” حيث أدخلت ال بي سي في العام 1999 مفهوما” مختلفا” وجديدا” لبرامج المنوعات والتسلية، و الذي تسرّب إلى كل بيت في لبنان والعالم العربي. وباتت معه سهرة مساء الجمعة مضمونة وجاهزة و نسبة المشاهدة كانت تتزايد طوال مدة عرض البرنامج الذي استضاف نجوما” وأشخاصا” عاديين من مختلف ميادين الفن وأيضا” من جمعيات ومؤسسات إجتماعية ومهنية غير مهنته الأساسيّة. وأيضاً جاءت برامج عدّة فنّية ترفيهية في خلال السنوات الماضية ومنها على اليو تي في والمستقبل، و ومنها من نجح برسالته واتقانه ومنها من سقط وأسقط معه مفهوم الإعلام.لذا لا تأتونا ببرامج أجنبية مبرمجة ومترجمة الى العربية فنحن شعب الإبداع والإختراعات فلا تجعلوننا تابعاً لأنكم ناقصون، فإما أن تتنحّوا وإما أن تتعلموا وتتثقّفوا.

ما نشهده في الحاضر هو ادّعاء الجرأة والتي يتمّ وصفها بطريقة خاطئة بحيث يعمد كل مذيع أو اعلامي الى وضع برنامج في خانة الجرأة ولكن لا يدري أنّ الجرأة تنعطف إلى مكان رخيص ومبتذل بحيث يتكلّم عن حياة الضيف الخاصة لإضفاء الإثارة على برنامجه مما يفقد البرنامج المصداقية الإعلامية وهناك فرق واضح بين البرامج الفنية والبرامج الترفيهية الفنية والاجتماعية وهنا تُرتكب الأخطاء.

أرجو من جميع الصحافيين والمتابعين والقراء عدم الخضوع الى الأمر الواقع والا نكون ديبلوماسيين لإرضاء شخص ما أو فئة ما او حتى محطة ما، فالصحافة النظيفة ثورة ضد الاضطهاد الفكري والممارسة الخاطئة والرأي العام هو السلطة الخامسة التي تقرأ وتنظر وتبدي رأيها.

الفنّ بحاجة للصحافة والصحافة بحاجة للرأي العام، لذلك معاً نستطيع تغيير الواقع وتغيير معتقد معدّي البرامج لبناء مجتمع كامل. بالرغم من كل ما يحدث، فالعناقيد تختلف والكرم واحد ولكنّ الموسم مستمرّ، لننتفض اعلاميا ونبقي لبنان واجهة الإيجابيات ومثال المجتمعات المتنوعة.

Back to top button

Adblock Detected

Please disable ads blocker to access bisara7a.com