خمس سنوات في خمسة أيام: مهرجان سينمائي رائع نشر ثقافة الفن الرّوسي في بيروت

بالتّعاون مع مركز الثّقافة الرّوسيّ في لبنان، أطلقت شركة Buta Films أوّل مهرجان للسينما الرّوسيّة بعنوان “خمس سنوات في خمسة  أيّام” في بيروت. طيلة 5 أيّام، عرض 12 فيلمًا مختارًا من وثائقيات وأفلام قصيرة في Cinemacity وEmpire Metropolis Sofil بدءًا من يوم الإثنين 24 تشرين الأوّل وحتى يوم الجمعة 28 تشرين الأوّل 2016. وبحضور آلاف المشاركين، كانت صالتا العرض مليئتَين بالصّحافيين والمخرجين ومحبّي الأفلام اللبنانيين والرّوس.

تم افتتاح المهرجان في Cinemacity حيث عرض الفيلم Ice-Breaker وهو فيلم من إخراج المخرج الحائز على جائزة كان، نيكولاي خوميريكي ومقتبص من الأحداث الحقيقيّة التي حدثت في العام 1985. يكتشف طاقم كاسحة جليد في القطب جبلًا جليديًّا هائلًا، تصطدم به السّفينة في حين كانت تحاول تجنّبه واستعمال القوّة للمرور بجانب الجليد على ساحل بحر أموندسن. ويمضي طاقم السّفينة 133 يومًا من اللّيالي القطبيّة وهم يحاولون الخروج من المأزق الجليديّ الذي وقعوا فيه، في حين عليهم تجنب ارتكاب أي خطأ، فحركة واحدة خاطئة ستتسبّب بتحطّم السّفينة.

خُصص اليوم الثّاني للسينما التّجارية من خلال عرض فلمَين هماThe Crew وAbout Love في صالة Metropolis Sofil.

حاز فيلم About Love الجائزة الكبرى في المهرجان الرّوسيّ الأهم لعرض الأفلام Kinotavr في العام 2015. إنه فيلم مؤلف من مختارات عن أشهر الممثّلين الرّوس من فلاديمير ماشكوف وحتى نجوم من الأجيال الأصغر. ويضم الفيلم 5 قصص متفرقة لها أبطال مختلفين، تربط ما بينهم محاضرة طويلة ووحيدة عن الحب، تقرؤها الشّخصية التي تؤدي دورها ريناتا ليتفينوفا.

أما فيلم The Crew فأبقى المشاهدين مسمّرين في مقاعدهم وبأيديهم علب الفوشار لمدّة ساعتَين. وقصته تدور حول طيّار شاب موهوب اسمه أليكسي غوشتشين لم ينفّذ أمرًا سخيفًا ولذلك تم طرده من مدرسة الطّيران العسكريّة. وحصل بمعجزة على فرصة العمل على طائرة تجاريّة وعاد ليبدأ حياته مجددًا كطيّار. ويقع في حبّ الطيّار المساعد وهي ألكساندرا الفاتنة. وفي لحظة تفصل ما بين الموت والحياة وعندما كان على وشك خسارة كلّ شيء وكان الرماد والنّيران تحيط به والسماء هي خلاصه الوحيد، أثبت آليكس ما هو قادر عليه وتمكن، بمساعدة الطاقم، من القيام بعمل بطوليّ وإنقاذ حياة مئات الأشخاص.

وكان يوم 26 تشرين الأوّل “يوم الأفلام القصيرة والصّور المتحرّكة”، وتم عرض خمسة أفلام ملفتة في Metropolis Sofil. ومن هذه الأفلام نذكر Listening to Beethoven وهو فيلم قصير يظهر القيمة الأزلية للانتصار وأهمية الحريّة. وتمامًا كأفلام باردين كلها، تحتلّ الموسيقى الأهمية الأكبر في هذا الفيلم. تم اعتماد أهم المقاطع للودويك فان بيتهوفن ومنها “قصيدة الفرح” Ode to Joy والسّيمفونيّة السّابعة في الفيلم. وتم تسجيلها بمساعدة الأوركسترا الفيلارمونيّة الوطنيّة الرّوسيّة بقيادة المايسترو فلاديمير سبيفاكوف.

يروي The Last One قصة رجل عجوز يعيش وفقًا لمبدأ أنه “عليك أن تعيش كل يوم وكأنه يومك الأخير”. في يوم من الأيام، شعر بالغضب وأشعل التلفزيون للمرة الأولى بعد سنوات عدة، فغيّر هذا الأمر حياته بالكامل. عرض هذا الفيلم للمرة الأولى في مهرجان كان السّينمائيّ بعد أن نجح في التّصفيات الرّسميّة للمهرجان (من بين ٣٤٥٠ فيلمًا قصيرًا من حول العالم).

منذ ألفَي عام، توقف الوقت في منطقة سالامانكا وأتت أوّل مجموعة من المينوناتية إلى الميكسيك بحثًا عن مكان على الأرض تكون الأحداث فيها مسبقة التّقدير وحياة أبنائهم هي تكرار لحياة أجدادهم. وفي حين يتذكّر بطل الفيلم طفولته، وهو يبحث عن الإجابة على أهمّ سؤال في حياته، تمرّ الأيّام والأشهر والسّنين ببطء في سالامانكا. عرض الفيلم للمرّة الأولى في مهرجان عرض الوثائقيّات IDFA في أمستردام في تشرين الثّاني 2015.

أما فيلم The Test فيروي قصّة أول تجربة نوويّة أجريت في Semipalatinsk في العام 1949. وحصل هذا الفيلم على الجائزة الكبرى في أهم مهرجان للأفلام الروسية Kinotavr. . وتعليقًا على الفيلم، قال مخرجه ألكسندر كوت: “عندما يكون شخص ما قريبًا جدًا منك، لا تحتاج إلى الكثير من الكلمات للتّواصل معه، يمكنكما التّواصل بالنّظرات والتّصرفات والأفعال. أحيانًا يكون التّواصل الصامت أبلغ بكثير من الحوارات الفارغة. أهدي هذا الفيلم لمن يحبون النّظر والذين يتذّكرون أن السّينما هي قبل أي شيء آخر صورة. فعندما تمّ اختراع السّينما، لم يكن فيها أي كلام”.

في 27 تشرين الأوّل، شكلت الوثائقيّات الثلاثة التي عرضت في Metropolis Sofil لمسة من اليوميّات المؤثرة للّاجئين وحبّ الحياة التي يتّسم بها العرب.

ويعرض الفيلم الوثائقي We Love Gaza Free-Running through Rubble in the Gaza Strip قطاع غزة بعد أن تعرّض لقصف عنيف في العام 2014 فأصبحت المنطقة أرضًا يتدرّب عليها العداؤون الأحرار الشباب. وأصبح العَدو الحرّ ملجأ لهم حيث يشعرون بنوع من الحريّة. ويعرض فيلم الوثائقي Her War: Women Vs. ISIS قصة عدد من النّساء الكرديّات اللّواتي قررن عدم ترك بقائهن على قيد الحياة مرتهنًا بالقدر. بدلًا من ذلك، قاتلن من أجل حياتهن ومستقبلهن وأنضممن إلى وحدات حماية الشّعب الكرديّ التي تدافع عن القرى الحدوديّة من تنظيم داعش.

وترك فيلم Fleeing the War الذي أخرجته ماريا إيفانوفا أثرًا كبيرًا على المشاهدين إذ يعكس حياة اللّاجئين السّوريين ويهدف إلى تذكير النّاس بالفرق البسيط ما بين التّآمر السّياسي وإبادة شعب كامل بدمّ بارد.

تكلّل اليوم الختاميّ من المهرجان بالنّجاح الباهر، وعقد في Cinemacity حيث عرض فيلمَين قصيرَين من الصّور المتحرّكة.

وترشّح فيلم We Can’t Live without Cosmos لجوائز الأوسكار (أفضل فيلم صور متحركة قصير) في العام 2015 وهو يروي حلم رائدَي فضاء صديقَين يقومان  بأفضل ما عندهما في تدريبهما اليوميّ ليصبح حلمهما المشترك حقيقة. ويتباريان للوصول إلى أبعد الحدود وليس أمامهما إلا شهر واحد للانطلاق.

أما فيلم The Ugly Duckling الحائز جائزة Nika لأفضل فيلم صور متحركة، فيروي  قصّة صغير البجع (  (ستيبتشانكو) الذي ولد في العائلة الخطأ وتم نبذه بسبب اختلافه. ويبدو هذا الفيلم وكأنه صنع في حقبة ثمانينيات القرن الماضي بسبب أسلوبه وتقنية Stop-motion المستخدمة فيه.

ومن ضمن الفعاليّات الملفتة الأخرى في المهرجان نذكر الجلسات الحواريّة المشوقة وصفوف المحترفين التي سنحت لمحبي السّينما فرصة طرح الأسئلة والحصول على الإجابات من صنّاع الأفلام الرّوس المشهورين.

وأضفى العشاء الاحتفالي الآسر والفاتن الجمال إلى ليل بيروت المتألّق بالنّجوم وإلى جانب ذلك، تعاون عازف ساكسوفون الجاز والبانك الرّوسيّ سيزغيه ليتوف المعروف بأسلوبه الارتجالي والموسيقي والمنتج اللّبنانيّ جورج نعيمي الذي قام بمزج الموسيقى، فكانا الجوهرة المتألّقة في هذا المهرجان.

في أيامنا هذه، وفي حين يتخبط الشّرق الأوسط في آتون الحروب، من المهم تذكير النّاس بقيم الحياة المسالمة كالصّداقة والحبّ والتّعاون، وهي مفاهيم لطالما كانت تحتلّ الأهميّة الكبرى بالنّسبة إلى الفنانين الروس وتم عكسه بشكل واضح في خلال مهرجان السّينما الرّوسيّة في لبنان. وتتمتع شركة Buta Films بخبرة استثنائية في مجال تنظيم المناسبات الدّوليّة والعمل على مشاريع الأفلام الدّولية، فأتى مهرجان “خمس سنوات في خمسة أيام” ليتوّج مسيرتها النّاجحة. وتركت الأفلام المعروضة تأثيرًا إيجابيًّا وطويل الأمد على الجمهور الرّوسيّ واللّبنانيّ فشكّلت الإنطلاقة المثالية للأفلام الأشهر لهذا الموسم.

Back to top button

Adblock Detected

Please disable ads blocker to access bisara7a.com