خاص – وتر العشاق … كاظم الساهر من حفل أمسترادم‏

وَتـَـرُ الـعــشـاق يــتـراقـــص عــلـى أنـغـــامــنـا فــيــغـــردُ الـنـاي الـــرَّخـيـم فــي مــزامـــيـر الــسـاهــر الـبـابـلـيـة لـيــطل عـلـيـنـا قــمـر بـــغــداد الـى الــمـنــافــي الــبــاردة بــلــيــلـةً بــابــلــيــة دافــئــة يـــطــربــنـــا بــأنــغــامــهُ  ويــعــج الــشــوق ما بــيــنَ مُــعْــتَــرَكِ الأحــداقِ والــمُــهَــجِ الـــســاهـــر الـــذي رســم لــنــا كــل قــطــرة نــدى مــبــتــســمــة عــلــى ضــفــتــي الــرافــديــن ســارق أنــفــاس الــعــذارى فــتــزهر الأرض بـه وتــتــراقــص قــيــثــارات عــشــتــار بــرقــة ألــحــانــه.

بــرســم كــلــمــاتــه تــعــزف مــزامـيــر داود وبــعــذوبــة صــوتــه تــقــطــر الــســمــاء ألــمــاً وفــرحــاً وفــي آهــاتــه نــســمــع أعــذب تــغــريــدة بــلــبــل مــن بــغــداد يــلــحــن أبــتــســامــاتــهــا هـــو وتـــــــر الــعــشــــــاق فــأي أســحــاق يــنــشــدهُ بــل أي دواد يــرتــل حــروف أوتــارهُ وأي حــنــجــرة تــســتــعــبــد عــذوبــة صــوتــهُ وأي أوتــار تــســتــبــيــحــهــهُ وكــل الــنجــمــات أنــحــنــت لــهُ فــي الــكــون.

كـاظــم الــسـاهــر هــو نـخـلـة عــراقــيـة شــامــخــة لامــســت أعــنــان الــســمــاء بــالــعــزة والأبــاء وتــاجــهُ الــلألأء إكــلــيــل مــن الــغــار حــبــاتــه مــســك مــن طــيــن الــعــراق وكــحــل عــيــنــاهُ حــنــاء بــغــداد صـبـرهُ كــتـلـة مـن الـكـبـريـاء والــدمــوع الـمـبـاركــة بــالــوفـاء حــروف حـيـاتـهُ كـانــت تـضـيء الــبــيــوت أمـام الـغــروب الـعــظــيــم فــي أفــراحــنــا.

تــاج مــن الــعــز تــاهــت أنــفــســنــا فــيــه حــيــن تــزيــن شــط الــعــرب بــعــقــد تــاجــه فــي لــيــلــة عــرس بــغــداديـة مـن أمـسـتـردام.

والــنجــوم تــتــراقــص فــي لــيــلــة صــافــيــة الألــوان، لــيــلــةٌ ســاهــريــة الأجــواءْ فــي دجــاهــا الــحَــنــونْ كــلّ شــيءٍ يــحــسّ ويــحــلــمُ فـي أوتــاره حــتــى الــســكــونْ يــهــيــم بــحــبِّ الــضــيــاء. ونــســمَــع صــوتــهُ فــي لــيــلــةٌ حــار الــزمــانُ بــســحــر نــارهــا أوقــدت لــنــا مــنــافــيــنــا الــشــتــائــيــة فــي لــيــلــةٍ بــابــلــيــة دافـئــة والــضــوء الــســاهــري يــرفــضُ أن يــغــادرَ قــلــوبــنــا.

مــن تــاريــخ 17.09.2010 عـلى مـسـرح قـاعـة الـكـونـسـرت خـيـبـاوا الـتـاريـخـيـة في أمـستـردام بـأدارة المنسق العام للـحـفـل رجـل الأعـمـال والـشـاعـر العـراقـي مـأمـون الـنـطـاح والــذي يـعــتــبــر الــحــفــل الأول لــوتــر الــعــشــاق ومــلك الــغــنــاء الــعــربــي كــاظــم الــســاهــر، كــمــا إنــه الــحــفــل الأول لــفــنــان عــربي عــلــى أعــرق مــســارح الــعــالــم وأشــهــرها ليــصــل الــغــنــاء الــعــراقــي والــعــربــي لأبــعــد مــدى فــي هــولــنــدا وكــافــة أنــحــاء الــعــالــم، لــيــســجــل فــي تــاريــخــهُ الــحــافــل بـالــنــجـاح مــا ســيــدونــهُ الــتــاريــخ كــأول مــطـــرب عــربــي يــغــنــي عــلــى خــشــبــة مــســرح الــقــاعــة الــمــلــكــيـة فــي أمــســتـردام فــي أعــرق مــعــالــمـهـا الــفــنــيــة.

صورة الشاعرة همسة الهواز

وفـي أول وهـلة نــزلــت خــطــواتــهُ مــثــلــمــا نــزل الــشــعــاع مــبــاســم الــزهــر الــطــريّ أشــرقــت فــي مــقــلــتــيــه الــعــراق كــالــضّــحــا كــالــصــبــح كــالــســحــر الــنــديّ الــمــقــمــر وعــلــى جــبــيــنــه حــزن الــعــراق أكــرم فــاتــح.

و عــلــى مــحــيّــاهُ أبــتــســام نــظــفـــّر مــنــهُ مـوســيــقــى الــحــب عــلــى فــجــر مــعــطّــر بــأنــفــاس الــخــلــود حــيـن تــعــانــقــت فــتــن الــجــمــال و تــمــتــمــت بــالــعــطــر وتــســابــقــت الإنــشــاد فــيــه وهــازجــت أنــغــام الــســاهــر، والأغــنــيــاتُ الــحــالــمــاتُ بــســحــرِهــا ســكــر الــزمــانُ بــخــمــرهــا وغــفــا الــقــدر فــي لــيــل ِ يــجــمــعُ فــي الــصــبــاح ثــيــابــه، والأغــنــيــاتُ الــحــائــراتُ تــوقــفــت فــوق الــنــســيــم وأغــمــضــت فــي ســحــرهــمــا عــيــن الــوتــر هــفــت إلــيــه مــن الــقــوافــي مــتــيّــمــة الــغــنــاء دون مــا تــقــتــضــي مــن الأوصــاف ، لــبــسَ حــزنُ الأيــتــام وحــمــل عــلــى وحــشــةِ ثــيــابـه وجــع الــعــراق . رســم الــحــلــم فــي أفــق الــغــيــاب فــكــان الــعــشــق الــســاهــر يــنــادي مــن أقــصــى الــمــنــافــي الــى الــفــرات.

عــنـدمــا أرتــقــى كـاظــم الــســاهــر فــي عــمــقــه عــدالة مجــســدة وأوجــهــا مــوردة ورايــة مــوحــدة ولــوحــة مــن الــضــيــاء، والـبــهــاء فــي لــيــل بــغــداد الـمـنـخـور بـالـوجـع الـمــســتــكــيـن فـي حـرفـه هــز قــنـاديـل الــســيــوف ، فــي آهــاتـه يــصـرخ يـاعــدوّي ذبــحَــة الــرصــاص فــي جــســد بــلــدي لــثــمــتْ جــدارَ الـقـلـبِ.

غـنى لـنـا عــن أنــثــيــال الـحـب عــن وجــع الــنــهــر الــنــازف بــدمــاء ســمــاءنــا كــمـجــدافــيــن وقــاربْ والـمــوج غــريــقٌ عــلــى وجــنــة الأعــتــناق وعــذريــة اللــغــة الــتــي أرتــقــتْ بـــهــا رؤوســنــا، مــن قــواميــس الــمــراثــي الــعــاجــزة عــن وصــف لــغــة العــشــق الــتــي يــتــغــنــى بــهــا الــســاهــر كــالــحــمــامــات الــتــي عــذبــهــا الــحــب وأبــكــاهــا الــفــراق .

مــن الــركـن الــصــاخــب ِ أتــعــقــبــهُ وجــلاً أســمعـه ُ قــصـائــدي تـارة وأحــلــق ُ مــعـهُ أخــرى، وعــلــى أثــر ٍ خــائــفــة ً أتــعــقـــَّبُ الــســاهــر وضــاحــيــة مــن الــســاهــريــيــن فــرُّوا إلــى داخــلــي وتـتــرقـَّــبُ عــيـــْنــيَّ كــي أتــعــرَّفَ بــهــم عــلى الــهــاربــيــنَ مــن الــحــرْب والــمــتــعــبــيــن مــن الــحــبِّ والــبــاحثــيــنَ عـــن الــعــشــق وبــعــدســة كــاميــرتــي أشــاكـسـهُ أرســم وأأطــر مــلاكاً ســاحــراً يــســمــو ويــتــألــق لــيُــوصــل مــســتعــمــيــه وعــشــاقــه أحــضان الــحــبــيــبــات والــنــجــمــات الــســاهــرات.

تـــألّــق وتــر الــعــشــاق كــاظــم الــســاهــر فـي مــهــجــة مــســاءنــا حـــمِّــلَ مــجــدهُ الــعــظــيــم لــيــجــدد الــرد عــلــى وهــم الــواهــمــيــن أصــحــاب (مــحــرقة الــقــبــانــي) مــن ذا الــذي يــحــتــرق ..!!

مـــنْ ولــد بــيــن ضــفاف دجــلــة والــفــرات أيُــعــقــل ..!!
مــن نــهـــل مــن نــهــر الــمــتــنــبــي وكــريــم والــجــواهــري ، ســلــيــل زريــاب ، كــاظــم الــســاهــر الــســومــري الــبــابــلــي نــعــم يــتـنــغــم بــكـَـلــكـَامــش لــيــوقــد الــنـجــمـات فــتــتــألــق.

ومــن الــركــن الــشــرقــي تَــصِــفْ مــا تــرى كــامــيــرتــي تــســكــن الــعــشــتــارات فــي الــركــن الــغــربــي والــســاهــر بــيـنـنـا بــمــســاء صــاخــب مــلــيء بــالــنــجــمــات والأحـــداق فــي أمــســتــردام يــســكــنــهــا الــشــوق والــطــرقــات مــلــيــئــة بــالأضــواء الــحــالــمــات مــوســيــقــاهُ تــهــتــف بــألــفــاظ الــعــذوبــة والــجــزالــة والــرقــة ويــمــنــح الــنــفــوس الأثــر لــتــسيــر لــهُ قــوافــل وقــواقــل مـــن أنــحــاء الــعــالــم بــأســرهــا.

وتــصــدح مــوســيــقــى الــمَــرحْ والــســاهــر يــردِّدُ عــلــى مــســامعــنــا تــرانــيــم الــحــب نــســمــع مــوســيــقــى الــفــرَحْ ونــبــصــر لــون الــكــلــمــات والــحــب الــســاهــري مــتــدفــقــّا مــن كــلّ عــرق عــشــاق الــســاهــر ، وتــنــصّتــت أقــداحــهــم لــمغــرد تــصفـّـق لــه الــوجــوه بــالــبــيــان لـو عـاش الـكـثـيـر مـن تـفـسـيـر فـنـّه مـا لا يـشـبـّه حـسـنـه بـنـظـائـر.

مــوســيــقــاهُ تـؤرّخـنا وتــفــقــدنــا تــفــاصيــل الــهــويــة تُــمــطــر قــصــائــدْ وقــنــاديــلُ الــكــلـمـاتِ تــصــبُّ الــضــوءَ عــلــى أمــلٍ واعــد.

وتــر العــشــاق ردد طــربــاً لــحــن الــشــوق والــزمــن يــدور عــلــى كــفـّـيــه.

عــزف الـســاهــر عــلــى وتــر الــدجــى شــوقٌ و عــطــرٌ فــدنــا مــنــا الــقــمــر وأمــتــطــيــنــا الــحــلــم ســهــراً وأنــطــلــقــنــا فــي مــتــاهــات الــقــدر. و مــزامــيــرهُ وتــر عــشــق هـكــذا يــنــزل الــمــطــر
و كــل مــآثــم الــعــشــاق صــلــت فــي مــعــابــده، فــهــذا الــوجــه مــجــبــول بــمــاء الــمــســتــحــيــل و زبــده الــشــكــوى وطــيــف الــحــالــمــيــن.

والــى أقــصــاه أنــظــر فــيــه فــاتــحــة ً أبــواب الــتــأمّــلِ فــي مــدى طــهــره عــلــى رخــام مــن مــوســيــقــى
عــزف وتــر العــشــاق عــلــى قــيــثــارةٍ ســومــريــة مــضــفــورة الأوتــار يــســتــجــمــعُ مــوســيــقــى الــغــرام مــن فــراديــس الــرؤى.

فــرشــتــهــا الــمــوســيــقــى بــأحــلام جــاء بــهــا مِــن أقــصــى الــمــســاء إلــى أقــصــى الــظــلام يــاوتــر الــعــشــاق هــل تــنــام فــي الــسّــحــر الأعــيــن وهــذه الــنــجــوم هــل تــظــل فــي أنــتــظــار يــا أيــهــا الــســاهــر فــي لــيــالــيــنــا مــنــذ ألــف عــام يــطــربــنــا وتــر الــعــشــاق بــالأنــغــام الــســاهــرة تــرتــل بــنــا فــي اللــيــالــي الــســاحــرة والــصــهــد يــغــســلــنــا فــي الــصــبــاح يــا وتــر الــعــشــاق كــلانــا دم ســاهــر فــي بــقــايــا قــصــيــدة.

مقالات متعلقة

Back to top button

Adblock Detected

Please disable ads blocker to access bisara7a.com