خاص – شارل أزنافور لبصراحة: أعشق لبنان… والأكلة اللبنانية المفضلة لدي هي التبولة

يارا حرب – بيروت: لم تضف السنين على هذا الرجل سوى جمال الشيب على رأسه، وحكمة العقلاء على تفكيره، والتواضع على تصرفاته وتعامله مع الناس، والمحبة على قلبه الكبير، وهذا ما جعل منه أسطورة عالمية وهو لا يزال على قيد الحياة! إنه الفرنسي الكبير شارل أزنافور الذي يختزل محطة “ذهبية” في تاريخ الفن والأغنية الجميلة، والذي يعد عنوانًا للأغنية الخالدة التي لا يمكن أن يمحوها أي شيء من ذاكرة الناس على مدى أجيال وأجيال… فقد تجلت العظمة في رجل قارب بلوغ المئة وحين تكون في حضرة هكذا رجل لا يمكنك ألاّ ان تشعر برهبة هذا الحضور وتقدّر أهمية معاصرتك له، فتصغي وبإمعان إلى ذاكرة فيّاضة، وحنكة وذكاء مميزين ومجبولين بوقار العمر وفرادة الخلق! فكان لي شرف وفخر الجلوس أمامه ومحاورته ولو ببضع دقائق تساوي الكثير…

فبعد 60 عامًا عاد أزنافور إلى لبنان وهو يبلغ من العمر 91 عامًا ليفتتح مساء السبت الماضي الواقع في الأول من آب، مهرجانات البترون الدولية لصيف 2015، وقبل ساعات من بدء حفله الضخم، قامت لجنة مهرجانات البترون الدولية بدعوته إلى الغداء في البترون، حيث أمضى معهم أوقاتًا ممتعة وتمتع بجمال وسحر هذه المدينة الرائعة. وبعد تناول الغداء قدم له رئيس لجنة مهرجانات البترون الدولية المحامي سايد فياض لوحة تذكارية تحمل صور أهم المواقع الأثرية والسياحية في البترون ليحمل معه هذه الذكرى الجميلة إلى كل أنحاء العالم، كذلك وكما تفردنا بنشر الصور والخبر فقد قدم له رئيس بلدية البترون السيد مرسيلينو الحرك إسفنجة من أعماق بحر البترون، وبعد الصورة التذكارية الجماعية التي جمعت أعضاء لجنة المهرجان بأزنافور، كان لي هذه الدردشة الممتعة والرائعة مع الفنان الأسطورة الذي أصبح ذاكرة الأغنية الفرنسية!

بدايةً أكد أزنافور أنّ لبنان يعني له الكثير، وأنه يعشق هذا البلد وأضاف “أنا أعرف طبيعة اللبنانيين، وكل عادات هذا البلد. وعندما أزور لبنان أشعر بالطمأنينة لأني أعرف جيدًا هذا الجمهور الكبير المتعدد الطوائف والمذاهب والعادات والتراث…” وردًا على ما هي الأكلة اللبنانية المفضلة لديه أجاب: “ما أطيب التبولة عندكم!” وعن لقائه الجمهور اللبناني الذي ينتظره بفارغ الصبر في حفل البترون قال أزنافور:” أنا أيضًا أنتظر هذا اللقاء بفارغ الصبر وأعود في كل مرة إلى لبنان مع الكثير من المتعة والفرح، فأنا أحب كثيرًا أن أسافر وأرى من جديد الناس الذين أعرفهم…”

وبالحديث عن بلده الأم أرمينيا التي لا ينفك يدافع عنها، صرح أزنافور: “في اليوم الذي أصبحت فيه أرمينيا دولة مستقلة فكرت أنه يجب علينا أن نتحرك، فلا يمكننا البكاء على مدى 100 سنة! بل يجب أن ننتقل إلى الفعل وإلى إتخاذ الإجراءات اللازمة، لذلك فقد نهضت وقلت: لا بد من الإعتراف بطريقة أو بأخرى، فأيًا يكن المصطلح المستخدم، فيجب إيجاده لوصف فعلتهم وإجبار الحكومة التركية – وليس الأتراك لأنّ أمي علمتني أن أحبهم – أن تعترف بهذه الإبادة االجماعية! فعلى تركيا أن تعترف بالمجزرة التي نفذتها عام 1915 وسيأتي يوم وتعترف فيه تركيا بكل المجازر التي اقترفتها!”

وعن النشاطات التي يقوم بها أزنافور فعليًا على الأرض لدعم أرمينيا يجيب:” لقد قمنا بإعادة تأهيل وبناء سبعة وأربعين مدرسة مع الإصرار على بناء مدرسة فرنسية. فنحن شعب متقدم ثقافيًا كثيرًا، وإن كان لا بد من إختيار لغة أخرى عدا عن اللغتين الروسية والأرمنية، فستكون اللغة الفرنسية”. وهنا سألته إذًا شارل أزنافور هو أرمني أكثر مما هو فرنسي أم العكس؟! فرد عليّ قائلاً: “أنا قهوة – كريما فلا يمكن فصل العنصرين! الأرمنية هي لغتي العائلية ولكنها ليست لغتي الشخصية الخاصة، فلغتي هي الفرنسية وأرضي الأم هي فرنسا. وأرمينيا هي أرض أجدادي، ويمكنني أن أفعل الكثير لأرمينيا مع إمكانياتي، ولكنني لا أستطيع التخلي عن جنسيتي الفرنسية!

وعن سر شبابه وهذا التجدد الدائم رغم مشارفته لبلوغ المئة! أفصح أزنافور لبصراحة ومن دون تردد:” ليس هناك سوى سرًا واحدًا، إنه العمل!” وماذا عن الشغف؟! فيكمل كلامه ويصر مشددًا:” ليس هناك سرًا آخر غيره، لأنّ العمل من دون شغف لا يساوي شيئًا! ولكن في الحقيقة فإننا مع العمل الذي نقوم به نتقدم ونذهب لما هو أبعد ونتطور أكثر فأكثر…”

في سياق منفصل أعلن الأسطورة الفرنسية عن مشروع بدأه وسيتم تقديمه على محطة France 2 ويقضي هذا المشروع بخلق صلة وصل بين الماضي والحاضر، إذ اقترح أزنافور بتعريف الفنانين الشباب إلى المطربين القدامى، وتعريف القدامى على الشباب والجيل الجديد… أما عما إذا كان يزعجه أن يتم تعديل أغنياته وإعادة تفسيرها وغنائها؟ قال:” أنا أحب كثيرًا أن تُغنّى أغنياتي لا سيما حين تغنّى بطريقة أخرى مختلفة، لأنهم لو أرادوا أن يغنوها مثلي تمامًا فذلك لا يستحق العناء! فأنا ما زلت هنا!” وفي النهاية أعلن أزنافور أنه لا يفكر أبدًا في الإعتزال، وبالتالي فإنه سيستمر في الغناء حتى الرمق الأخير…

Back to top button

Adblock Detected

Please disable ads blocker to access bisara7a.com