تعالوا معاً …نودّع ذكرياتنا في حديقتي الصنائع والسيوفي

يعني في لبنان حتى الفرح أصبح ذنباً يرتكبه الصغار والكبار ، حتى الطفولة باتت محرّمة على الاطفال وراحة البال محرّمة على العجوز ام الختيار ….

ماذا أقول في بلد حرقنا فيه “الأخضر واليابس” عن بكرة أبيه ولبنان الاخضر الذي كنا نتغنى به أصبح يبكي على حاله بسبب ” بهبطة ” اللقب عليه…

ماذا أقول ان لم يبقَ شبر أرض واحد الا واستثمرناه اما في البنيان واما في نوع من التجارة بهدف الاستفادة منه مادياً والدولة الغائبة عن همّ المواطن منذ سنوات ما زالت تنام في سبات عميق فقد أهلكتها الهموم وكثرة التفكير من أين تبدأ ..نعست ، تكت فنامت …!

لا أعرف كيف أنقل لكم الخبر يا أطفال بيروت والاشرفية
لا أعرف كيف أهمس بأذنيك يا من أتعب العمر حالك …
كيف أقول للجميع انكم وبعد فترة وجيزة ستودعون أحباءكم الذين كنتم تلهون معهم وتنسون هموم العمر الجائر وحيث كان الاطفال يركضون بين بضعة امتار لأن الوطن والامكانية ضاقا عليهما فبقيت حديقتي السيوفي والصنائع المتنفّس الوحيد لهؤلاء

حديقة الصنائع أو حديقة الرئيس الشهيد رينيه معوّض، تعتبر إحدى «أعتق» المساحات العامة الخضراء في بيروت بالإضافة إلى الأرضية العشبية والممرات الإسفلتية، ترتفع في المكان أشجار الكينا العالية التي تبسط ظلّها على المكان بمساعدة طيبة من الشجيرات الصغيرة التي قصّت أوراقها بعناية تامّة لتشكّل محيطاً دائرياً متلاصقاً يتناسب مع شكل البركة في الوسط. ويكتمل المشهد مع الانتشار الكثيف عند كلّ نقطة من السياج الخارجي لشجيرات الزعرور بحبيباتها الحمراء الصغيرة. والحديقة تعود الى الحقبة العثمانية بهندستها، ولها سمعة فنية وأدبية، اذ استقطبت مخيلات الادباء والمسرحيين من خلال عدد من الاعمال، وذلك بعدما شهدت احداثا سجلت في تاريخ بيروت على امتداد القرن الماضي. ورغم موقعها في منطقة قريبة من شارع الحمراء، حيث كثافة مرور السيارات والباصات وما تخلفه من ازدحام وضجيج، اضافة الى صفّارات آليات الدرك لأن مبنى وزارة الداخلية مواجه للحديقة من الجهة الشمالية، فإن الجالس فيها لا يلاحظ أيّاً من هذه الأمور، وكأنّ الحديقة سلخت عن محيطها وعزلت تماماً

أما حديقة السيوفي الواقعة في وسط محلة الأشرفية، فالمشهد واحد برمزيته، وإن اختلفت فيه بعض التفاصيل عمّا هي عليه في الصنائع، فـ«حميميّة» المكان عنوان بارز يميّزه، بفضل المساحة الواسعة، ما يسمح لهواة المطالعة بتمضية فترة هدوء بعيداً عن الصخب الذي يحيط بالمكان.

ولكن اليوم ، تودّع هاتان الحديقتان ذكرياتهما الحلوة منها والمرة الا انها تحتجبان بأسى وحزن تماماً كأهل هاتين المنطقتين من لبنان الذين اعتادوا تمضية أجمل لحظاتهم مع الاصدقاء والعائلة هنا، حتى في أوجّ الحرب او العدوان الاسرائيلي الاخير على لبنان ، حضنت حديقة الصنائع ابناء بيروت وكانت الملاذ الآمن والملجأ الوحيد

اليوم وكما ورد الينا ، ستتحول هاتان الحديقتان الى مرآب للسيّارات أم parking لاستيعاب أكبر عدد من السيارات في كلتا المنطقتين ، نعم انه ضرب تجاري جديد للممولين الكبار بمباركة ورضا بلدية بيروت، أهل السلطة وفعاليات المنطقة …والشعب مرة أخرى يغيب عن ذهن وضمير وفكر اللاهثين وراء المال الذي غاب عن بالهم ان المال زائل لا محالة انما يبقى عذاب الضمير الذي لا يرحم …
باتريسيا هاشم

لا أريد ان ابالغ وأدّعي ان المقال الذي كتبت قد حرّك الرأي العام الا انه بالتأكيد ساهم بتشجيع الناس على الاعتراض ويمكنكم قراءة هذا المقال في جريدة الاخبار الصادرة يوم الاثنين 2009/6/1
http://www.al-akhbar.com/ar/node/138698

مقالات متعلقة

Back to top button

Adblock Detected

Please disable ads blocker to access bisara7a.com