تحقيق- بعد فوز التيارات الإسلامية في الانتخابات المصرية، رسائل من الفنانين للإخوان والسلفيين… قليل من الخوف كثير من الأمل، فهل ستبقى مصر هوليوود الشرق؟

مصر هوليوود الشرق كما يحلو للبعض تسميتها لما كانت تشهده من حركة فنية نشطة متنوعة في ابداعاتها من سينما ومسرح وتليفزيون هكذا كان الحال، والآن وبعد نتائج الانتخابات البرلمانية في مرحلتها الأولى ومؤشرات المرحلة الثانية والتي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك سيطرة الاخوان والسلفيين على اغلبية مقاعد مجلس الشعب أو برلمان الثورة المنتظر وحينما بدأت ملامح هذا الأمر زادت المخاوف لدى البعض وكانت اكثر المخاوف عند الفنانين المصريين لدرجة أن البعض منهم فكر في الهجرة، لكن هناك بعض منهم يرون أن الأمر ليس بهذه الدرجة من الخطورة على مستقبل الفن المصري حتى في ظل سيطرة الإخوان والسلفيين على الأغلبية البرلمانية ، لذا فقد خرج علينا بعض نجوم السينما المصرية برسائل صحفية موجهة منهم لنواب التيار الإسلامي تحمل في طياتها قليل من الخوف وكثير من الأمل.

ففي رسالته التي وجهها الفنان الكبير محمود ياسين لهم أشار ياسين الى أن الخوف والقلق أمر طبيعي لدى كل انسان لذا فهو غير متخوف من وصول الاسلاميين لسدة الحكم بل على العكس هو يرى في الامر شيئا جيدا لأنه سيصنع حالة حوار خاصة نتيجة اختلاف الرؤى والتوجهات مما سيوجد حالة من “ثراء فكري” على حد رؤيته، لكن بشرط أن يتوحد الجميع على مصلحة الوطن أي يكون اختلافهم من أجل الصالح العام لأن وحدة الوطن وصالحه اهم من أي تيار سياسي او حزب، ودعا ياسين الجميع للتوحد والبعد عن التحزب وضيق الأفق، ووجه كلمة لقيادات التيار الديني بعد أن رحب بهم كفصيل سياسي مؤكدًا لهم أن مصر تستوعب الجميع وانها لن تنحاز لأحد الا لأبنائها الذين يميلون للاعتدال، وأضاف موجها كلامه لهم انكم جئتم للحياة السياسية عن طريق صندوق الانتخابات والفنانين أول من يحترم الديموقراطية التي أتت بكم وليترك الأمر للشعب لأنه قادر علي الفرز، وأضاف أن الفنانين مع الفن الراقي المحترم فالفن رسالة عبر التاريخ وطالب ياسين اعضاء تلك التيارات بالرجوع للمعابد الفرعونية القديمة للوقوف على الفن المصري الموجود على جدران تلك المعابد .

فيما رحب الفنان القدير عزت العلايلي بالإخوان على مسرح الحياة السياسية المصرية في مرحلة ما بعد الثورة وفي اطار حياة ديموقراطية سليمة، بل وأكد على انه غير متخوف منهم لأن بينهم كثيرون على درجة كبيرة من الثقافة والتنوير، وعلى الجميع الا ينسى أن مؤسس الجماعة الشيخ حسن البنا كان يرعي الفنون المسرحية لدرجة وصلت لحد تكوينه فريقا مسرحيا بمشاركة الفنانين حمدي غيث وعبدالمنعم ابراهيم وشفيق نور الدين، واوضح العلايلي أنه لا يوجد أحد ينحاز للفن المبتذل المسيء للقيم والمبادئ فالجميع مع الفن الهادف الراقي ، وطالب الإخوان بالحفاظ على مكانة مصر باعتبارها دولة ذات ثقل كبير وتتمتع بالريادة التي جعلتها تقود العالم العربي وان علي الاخوان أن يعووا ذلك جيدا بعد أن اصبحوا مؤتمنين على مصر وشعبها وأكد أن الاخوان يفهمون ذلك جيدا، لأنه لن يستطيع احد أن يفرض على مصر ثقافة معينة، ودعا العلايلي للسلفيين بالهداية لأنهم اصحاب دعوة عاطفية على حد تعبيره ويجب عليهم أن يعلموا أن الفن هو أحد أضلاع الحضارة في العالم المتقدم .

أما الفنانة الهام شاهين فعلى عكس المتوقع منها فقد أبدت تفاؤلها الشديد بالمرحلة القادمة بل واعربت عن اعتقادها بأن الإخوان المسلمون عندهم القدرة علي تقديم افكار مختلفة وابتكار موضوعات جديدة في السينما مما يسهم في رواج كبير للنشاط السينمائي في الفترة القادمة على عكس ما يتوقعه الجميع .

وأكد النجم السينمائي الكبير حسين فهمي في رسالته التي وجهها للتيارات الدينية بوجه عام أن الفن المصري يمثل قوة مصر الناعمة في العالم على مر التاريخ لذا فيجب عليهم أن يحافظوا على هذه القوة والمكانة بل وأن يعملوا علي تنميتها، كما أن عليهم أن يعلموا أن مصر كانت دوما دولة مدنية والكل شريك في هذا الوطن على اختلاف توجه افراد المجتمع فيجب أن تراعي مصلحة الوطن العليا بعيدا عن المصالح والبحث عن المجد الشخصي، كما أكد فهمي أن الفنون وبخاصة صناعة السينما تعد أحد مصادر الدخل القومي للدولة، وأن الحضارات في العصر الحديث تقاس بمدى احترام أي مجتمع للفنون لذا فعلي التيارات الدينية الوافدة العمل على مواكبة العصر الحديث والنظر لمستقبل أفضل لأن العالم كله ينظر لمصر الأن بعد الانبهار الشديد بالثورة المصرية، ورغم هذا أعلن فهمي أنه ليس خائفا على الاطلاق لأنه متفائل بطبعه فضلا عن ثقته في أن التيار الديني أذكى من أن يصطدم مبكرا مع الثقافة والهوية المصرية لأن مصر دولة معتدلة ووسطية الأفكار والرؤى بطبيعتها .

وانضم النجم هاني سلامة لحسين فهمي في التأكيد على أنه ليس خائفا على الاطلاق من سيطرة التيار الديني على المشهد السياسي بهذه الكثافة لأنه يراهن على الشعب المصري الذي ضحى من أجل حريته واستشهد شبابه من أجل الحصول عليها وتوجت جهوده بنجاح ثورة 25 يناير، ووجه رسالة للإخوان المسلمون طالبهم فيها أن يكون شعارهم ” نحمل الخير لمصر ” واقعيا والتأكيد على أنهم يحملون الحرية والعدالة للشعب، وأشار الى أن الاخوان امامهم الفرصة للتقريب بين الناس مع الحفاظ علي الحريات العامة لأن مصر دولة وسطية معتدلة . ووجه سلامة سؤالا للإخوان طالبهم بالإجابة عليه وهو هل نظرتهم للفن بوجه عام والسينما بوجه خاص يتم النظر اليه من منطلق الحلال والحرام والحكم على العمل الفني من خلال الشخصيات السينمائية داخل العمل أم بنظرة على الفيلم برؤية أوسع وأعمق وأشمل؟. ودعا سلامة التيار السلفي للعمل على ضبط خطابهم للناس والبعد عن التطرف في الافكار، لأن هناك الكثيرين على حد تعبيره متخوفين من نظرتهم لكثير من الأمور وبخاصة الثقافية والفنية، وأكد سلامة على أنه يوجد بعض القيادات المعتدلة تمثل صوت العقل في حزب النور السلفي .

وبعد يبقى الواقع العملي والتجربة هما المحك الرئيسي للحكم على أي أمر لذا فعلينا أن ننتظر لنعرف هل يتلاشى الخوف الذي يعتري البعض بعد نتائج الانتخابات البرلمانية ويزداد الأمل في مستقبل أفضل في وجود الاغلبية للتيارات الاسلامية داخل مجلس الشعب المسؤول عن سن القوانين التي تنظم كافة مناحي الحياة في مصر، ويتحقق ما توقعه فناني مصر في رسائلهم أم تنقلب تلك الرسائل لكثير من الخوف قليل من الأمل عكس نبرة التفاؤل التي سيطرت علي رسائلهم الحالية، فهل تبقى مصر هوليوود الشرق كما كانت أم يتغير الفكر والتوجه فتتغير مكانتها على المستوى الفني، علينا أن ننتظر وان الغد لناظره قريب .

مقالات متعلقة

Back to top button

Adblock Detected

Please disable ads blocker to access bisara7a.com