باتريسيا هاشم – بين سياسة الكيدية وتصفية الحسابات و ديون الفنانين المستحقة، شركة روتانا تنتحر

لا شك في ان شركة روتانا مستمرة بسياسة الكيدية وتصفية الحسابات، ولم نعتقد يوماً ان هذه الامبراطورية الانتاجية الفنية على هذا القدر من عدم الاحتراف والمهنية ، فالتعتيم الاعلامي على عدد لا يستهان به من النجوم العرب  ومحاولة تهميشهم وتجاهلهم لن يضّر الفنان بقدر ما سيضّر شركة روتانا التي تبرهن يوماً بعد يوم انها لا تعمل في الفنّ من أجل الفنّ ، لأن من يؤمن بالفنّ ويعمل لأجله، يعترف بكل فنّان يقدّم فنّاً جميلاً ويحترم جمهور هذا الفنان حتى لو لم يكن متعاقداً مع شركة روتانا ، ولكن ما تقوم به شركة روتانا انما يؤكّد على مبدأ الكيدية التي تتّبعه مؤخراً وهذا ليس بالامر الجديد ، فالحكاية بدأت مع اللائحة السوداء التي أعلنا عنها منذ أشهر والتي تتفرّع منها يوماً بعد يوم لوائح جديدة لاسماء فنانين غادر معظمهم شركة روتانا معترضين على سياستها العشوائية والمزاجية في ادارة أعمالهم الفنية .

نأسف ان يكون الحال في شركة روتانا قد وصل الى هذه الدرجة من “اليأس”، فالشركة الناجحة لا تحاول ان تلغي الشركات الأخرى التي ممكن ان تنافسها ولا الفنانين الآخرين الذين ينافسون فنانيها ، بل على العكس ، يجب ان تشجعهم وتدعمهم، فلا شيء غير المنافسة الشريفة يستفز هذه الشركات لتقديم الافضل، وعامل “المنافسة” هو الوحيد الكفيل بحثّ كبرى الشركات على الابداع والابتكار والخروج بأفكار جديدة. اما محاولة الغاء باقي الشركات المنافسة او محاولة تهميش وتجاهل كل الفنانين من خارج شركة روتانا ،انما يدّل على “افلاسها”، فالمصارع “الجيّد” والقوي والواثق من نفسه ، انما يحتاج الى حلبة مصارعة والى “شريك” مصارع والى جمهور غفير ليظهر مدى قوّته وليبرهن عن تفوقه وجدارته وكفاءته ، ولكن لو كان هذا المصارع وحيداً على حلبة مقفرة ، فبماذا تنفعه كل مهاراته وقدراته وامكانياته ؟؟؟

شركة روتانا حرّة في السياسة الفنية التي تتبعها وادارتها حرّة في تجاهل ام تهميش اي فنان تريد ، ولكن على شركة روتانا ان تعلم ان صورة “المارد” الانتاجي وصورة “الامبراطورية” الفنية قد سقطت في عيون الناس الذين يراقبون الاسلوب الكيدي الذي تتعامل به روتانا مع الفنانين الذي اما رفضوا الانضمام اليها، اما غادروها ،اما حاسبوها على تقصيرها معهم ، وهذا لا ينّم أبداً عن احترافية في التعامل مع الفنان ، فهو ان رفض الانضمام ام التعاقد ام تجديد العقد مع شركة روتانا فهذا لا يلغي نجوميته ولا يلغي جمهوره ووجوده على الساحة الفنية، وروتانا تحوّلت في السنوات الاخيرة الى “عدوّ” لجماهير عريضة اساءت روتانا بشكل ام بآخر الى فنانهم المفضّل ، وهذا ان دلّ على شيء فلا يدّل على “ذكاء” ام “حكمة” مدراء هذه الشركة .

بعد نوال الزغبي واصالة نصري وفلّة الجزائرية وأنغام وكارول صقر و سيرين عبد النور و غيرهن ممن اعترض على سياسة روتانا الفنية من تمييز بين فنانيها والتفريق بين نجومها فكانوا “ناس بسمنة وناس بزيت ” داخل الشركة الواحدة.

ومؤخراً يعاني الفنانون الباقون في الشركة من الازمة المالية التي تمّر بها الشركة ومن تقلّص الانتاج وبالتالي عدم تمويل الفيديوكليبات وعدم رصد ميزانيات خيالية لها كما في السابق، فتكون جميعها على نفقة الفنان نفسه الذي يحاول الحفاظ على ماء وجهه تجاه جمهوره والنقاد ، فيموّل أعماله وينتجها على حسابه الخاص ولا يحّرك ساكناً بل يموت في غيظه وفي صمته ويحاول بين الحين والآخر تلميع صورة شركته وينتظر مرغماً الفرج في حين تتراكم الديون المستحقة على شركة روتانا في سابقة لم تحصل مع أي شركة انتاج أخرى ، أي ان يصبح الفنان منتجاً وموّلاً لأعماله وشركة الانتاج “تتديّن” منه والظاهر ان لائحة الديون تطول وتطول مؤخراً وشركة روتانا منشغلة بتصفية حساباتها، والاهتمام بقشور الساحة الفنية في حين عليها ان تحافظ على مكانتها فتكون قدوة لشركات الانتاج الاخرى وتسير على خطى كبرى شركات الانتاج العالمية وتتصرّف فقط بما تمليه عليها مهنيتها وحرفيتها بعيداً عن صغائر الامور والتصرفات “الصبيانية” التي لا تليق بمؤسسها ولا بجمهورها الذي علّق عليها الآمال الكبيرة للارتقاء بمستوى الفنّ في الوطن العربي فهي وحتى في عزّ أزمتها ووضعها المالي السيء وحروبها المشتعلة على أكثر من جبهة ،تقوم بالتعتيم على فنان هنا وآخر هناك، وفي الحفل نفسه، تقوم بتغطية وصلة “فنانها” هنا وتجاهل وصلة “الفنان الآخر” هناك، وهذا ما شاهدناه منذ يومين في تغطية روتانا لحفل الفورمولا 1 في أبو ظبي حيث تجاهلت روتانا تماماً الفنانة سيرين عبد النور التي كانت تغني الى جانب الفنان فارس كرم ، هذا مثل بسيط عما تقوم به روتانا مؤخراً من تعتيم على الفنانين الذين غادروها ولائحة المستهدفين لا تنتهي ، فتخيّلوا الى أي درجة تفاقم وضع “روتانا” الاداري ، الى درجة ان تدخل في زواريب الخلافات ودهاليز تصفية الحسابات ومستنقعات الكيدية…

فهل نأمل خيراً  بعد من شركة نسيت هدفها السامي والاساسي الكبير ودورها الريادي على الساحة الفنية العربية التي أسست من أجله ،ونزلت الى حضيض المناكفات والانتقام وتوجيه الصفعات الى من غادروا شركة روتانا او رفضوا الانضمام اليها أصلاً ؟؟

نتمنى ان تعود شركة روتانا الى سابق عهدها وان تقدّم لنا فنّاً “حقيقياً “، ونحن نعلّق عليها الكثير من الآمال وسنحتفظ بهذا الامل ولو ضئيلاً فهي يجب ان تكون بيتاً فنياً عريقاً ومرجعية فنية حقيقية ومكتبة موسيقية  لأروع الاعمال الفنية وان تتعالى عن صغائر الامور وان تعود الى  كامل رشدها والا تحيد عن مسارها التي من أجله تأسست، الارتقاء بالفنّ العربي….فهل ما يحصل اليوم مع شركة روتانا يسهم بذلك؟

مقالات متعلقة

Back to top button

Adblock Detected

Please disable ads blocker to access bisara7a.com