ابن العراق القيصر كاظم الساهر يخترق الحدود بلا جواز سفر

هو ابن الموصل، ابن العراق الجريح والذي ينزف منذ سنين، حاملاً اوزار العالم أجمع على كتفيه، هو ابن بغداد، مدينة الثقافة والفنون، ترعرع فيها، وعمل في بيع المثلجات والكتب حيناً، وفي طلاء الجدران احياناً اخرى، معتمداً على نفسه، حتى جمع المال اللازم لشراء الآلات الموسيقية، والدخول إلى معهد الموسيقى العالي، ليدرس الموسيقى لـ ست سنوات، وليعد ويدرّسها لسنة ونصف السنة.

اذاً هو المعلّم، الذي بدأ مسيرته الفنية الواقعية في العام 1988، بأغنيتين من الحانه وكتابته وهما “لدغة حية” و “عبرت الشط”.. ومن ثم توالت السمفونيات ليشتهر اسمه في العراق، ومن ثم ليخترق الحدود بلا جواز سفر، ويدخل كل الدول العربية والقلوب العربية دون استئذان!

غريب هو “كاظم الساهر”، اذ انّه وعلى عظمة موهبته، غنى للجميع واستطاع اطراب الآذان، وامتاع الشباب، واجتذاب الأطفال. غنى للاطفال فاستطاع كسب حبهم، وغنّى للكبار ومحبّي الطرب الأصيل، فهز وجدانهم .. اذ انني لم اشاهده يوما على المسرح يغنّي الا ورأيت عيون النّاس تلمع انتشاءً… كما أصبح مأوى للعشّاق، وملجأً للمتحابين.. فعلى مدار 21 عاماً، غنّى أجمل الألحان والكلمات، وغنى لأبرز الأسماء، الشاعر العملاق “نزار قباني”، والذي كان كاظم توأمه الروحي، بل يمكننا القول، ان القيصر هو وريث نزار قباني الفنّي.

هذا القيصر، لم يشخ صوته، ولم يتغيّر مع مرور الأعوام، ورغم كل الانتقادات التي وجهت اليه، وكل التلميحات إلى انتهاء عصر كاظم الساهر، ورغم محاولة نعيه فنياً، أثبت المعلّم انّه رجل كل العصور، وأنه نجم كل الأزمنة، وعاد بألبوم جميل، ومن ثم بديو اكتسح الأسواق العربية، إلى جانب الفنانة “اسماء المنور”.

فمن قولي احبك، إلى اكرهها، إلى الليلة احساسي غريب، إلى انسى العالم, اني خيرتك فاختاري، إلى تلميذة، الرسم بالكلمات وغيرها مئات ومئات القصائد والأغنيات، جعلت من كاظم رقماً صعباً، وتوجته قيصراً على عرش الأغنية العربية، وملكاً على قلوب الملايين من مدمنيه!

هذا الرجل وقف على اهم واكبر المسارح الفنية واعرقها، ولم يخرج يوماً من حفل إلا وكان منتصراً لموهبته، ولم يغنّ يوماً الا امام آلاف المعجبين، الذين تغصّ بهم المدرجات و القاعات والأماكن… لانّه لديه كاريزما من نوع خاص، ولديه طاقة صوتية وبدنية، ينقلها بذكاء إلى كل من يسمعه، ليجعله يقع في غرامه من النوتة الأولى، فيصغي اليه بكل حواسه!

كاظم ينتفض على المسرح، يرقص برقيّ، يصدح ويطرب ويهلل، يعصف ويمطر انغاماً تنتشي لها الآذان، يطلق اعاصير من النوتات، تقتحم خوالجنا برقيّ وحنان وسلاسة… هو فعلاً مختلف، له ادواته السريّة، ومفاتيحه الخفيّة الخاصة… لرجل يصعب اختراق عالمه.. بينما يخترق عالمنا بنوتة موسيقيّة واحدة تخرج من حنجرته!

وبعد كل تلك النجاحات على صعيد الحفلات والأغنيات وحتى الألحان الموقعة باسمه، نحن اليوم بانتظار العمل الأسطورة الذي يجمع القيصر بالماجدة والمبدع نزار قباني… أجمل الألحان بتوقيع كاظم، إلى جانب أبهى وأرقى الكلمات بتوقيع نزار قباني، وبغطاء صوت ملائكيّ مختلف وهو صوت الكبيرة ماجدة الرومي، سينتج قنبلة فنيّة ستخلد مئات السنين قدوما!

هذا المقال، هدفه اعطاء القيصر حقّه والذي هو واجب على كل مجلة فنية تحترم الفن الراقي… لذا وددنا ان نوجه له تحيات الاكبار و الاحترام… وان نصفق له على ربع قرن من الابداع… متمنين عليه ان لا يطيل الغيبة… وان يظلّ يغني ويغني… حتى تُطرب الدنيا!

مقالات متعلقة

Back to top button

Adblock Detected

Please disable ads blocker to access bisara7a.com